فحينما نرى أن بعض سلف الأمَّة، من الصحابة أو التابعين يقول عن قول الله {يوم يُكشف عن ساقٍ}: أي عن أمرٍ عظيمٍ .. هذا لا يعني إنكارهم لصفة الساق لله؛ لأمرين:
= الأمر الأول: لاحتمال الآية؛ فالله عزَّ وجلَّ لم يقل عن (ساقه) .. والساق في اللغة يُطلق على الأمر العظيم ..
= الأمر الثاني: لورود حديثٍ عن البخاري (يكشف الله عن ساقه ..... ) ..
فبعضهم قال في الآية: عن أمر عظيم، وقال في الحديث بإثبات الساق لله ..
وبعضهم فسَّر الآية بالحديث، ولم ينكر أنه أمرٌ عظيم ..
ولا شك أن بعضهم لم يبلغه هذا الحديث؛ فلا يجب عليه اعتقاد ما لم يبلغه، كما أنَّه لا يعني أن تفسيره للساق في سورة القلم بالأمر العظيم تأويل للآية كما ظنّه البعض!
كما أنَّ قولك ـ أخي الكريم ـ (و المراد بالإيمان به دون الخوض فيه) ..
فماذا تقصد بـ (الخوض)؛ إذ إنها عبارةٌ مجملة ..
فإن أردتَ دون الخوض في بيان كيفيَّاتها؛ فهذا معنى صحيح ..
أماّ إن أردتَ الكفَّ عن بيان المعنى، والإيمان المجمل بهذه الآيات، وكأنها قوالب لا معنى لها .. فهذا باطلٌ، وهو التفويض أو التجهيل ..
فالقرآن عربيّ .. والعرب ـ وعلى رأسهم صحابة رسول الله، ومن تبعهم بإحسان ـ أحقّ الناس بفهم القرآن .. ولم يتورَّعوا هذا التوَّرع البارد، ولم يُجازفوا مجازفة المشبهة ..
بل قال إمام دار الهجرة، ونجم السنن (مالكٌ الأغر):
(الاستواءُ معلومٌ، والكيف مجهول)، وتلقى علماءُ الإسلام قالَته بالقبول والرضا والتصويب.
فأرجو منك أخي الكريم أن توضح المقصود بالخوض!
[ .. فمثلا عندما طرح ابن تيمية مسألة الأسماء و الصفات، مخالفا بذلك كل سلف أهل السنة من الأشاعرة كالنووي وابن حجر و ابن عساكر و غيرهم، خاض مثلما خاضوا في نصوص متشابهة .. ]
هل خالف ابن تيمية كل سلف الأمة المتقدمين؟!
وما الداعي لقول: (سلف الأمة من الأشاعرة) .. ؟!!
ألا يكفي أن يُقال للمخالف (خالف سلف الأمَّة)؟!!
ثم أليس ابن تيمية مجتهداً، وله أن يخالف؛ لأنَّ الإجماع ـ كما قرَّرتَ ـ ليس مُلزماً أحدا؟!
كيف خالف ابنُ تيمية ابنَ حجرٍ، وهو متقدم؟!
وكيف كان خوضُه في النصوص؟
هل قال: يدُ الله كأيدي المخلوقات .. ؟!
هل قال: الله مركب، والمركب جسم ................................. ؟!
{قل هاتوا برهانكم}
[ .. وكلهم فعلوا ما لم يفعله خير القرون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ..
فخاضوا في قوله تعالى (يد الله فوق أيديهم)
فنحن هنا نؤمن أن يد الله فوق أيديهم ونعلم ذلك يقينا أما المراد باليد فلا نحاول الخوض في بيان معناه لأنه متشابه يحتمل أكثر من وجه، وسلفنا في ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم.
و قوله تعالى (ثم استوى على العرش)
فنحن نؤمن أن الله استوى على العرش، و نعلم ذلك يقينا، و نردده كما قيل و لا نحاول الخوض في بيان معناه، لأنه متشابه يحتمل أكثر من وجه فاستوى على الشئ في اللغة قد يكون بمعنى علا أو صعد أو استقر أوثبت أو استولى أو ملك، و الله أعلم بمراده، وسلفنا في ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
و عندما خاض المعتزله في قوله تعالى (إنا جعلناه قرآنا عربيا) توصلوا إلى القول بخلق القرآن، لأنهم حاولوا تفسير كيفية الجعل، أما نحن فلا نخوض في معنى الجعل، ولا نناقش المسألة أصلا،وسلفنا في ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ... ]
كلامك أخي عليه ملاحظات كثيرة، ما كتبتُ أعلى يغني في الرد.
لكن ..
لمَ الاستدلال بهذه الآية ..
ما تقول في قول الله: {بل يداه مبسوطتان}؟
وقوله {لما خلقتُ بيديّ}؟
استقرأ كلام العرب لتعرف إطلاقات (اليد) عندهم ..
ثم انظر هل إطلاقات العرب .. تنطبق عليها قواعد العرب .. كتثنية النعمة والقوَّة ................................... ؟!
(’ أكثر الصفات معلومة، وكيفها مجهول ’ .. )
وقس على ذلك باقي كلامك في الاستواء، و القرآن ....
أماّ التي لم أتوقع أن تأتي بها؛ فقولكُ في القرآن: (ولا نناقش المسألة أصلا،وسلفنا في ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ... )]
فلا أدري من تقصد بـ (نحنُ) أهم أهل السُنَّة؟
هيهات!
بل نناقش في المسألة ردّاً على المبتدعة، ونقول: هو كلام الله غير مخلوق!
وندَّعي أنَّ هذا مذهبُ أهل الحق قاطبة!
أما أن يكون سلفك في هذه المسألة: الصحابة؛ فكيف علمتَ؟
أمن نصوصهم أم من عدم خوضهم؟
فإن كان من نصوصهم؛ فما نصوصُهم؟
وإن كان من عدم خوضهم؛ فلا يخفى على سُنِّي سبب ذلك، وهو أن الحقَّ كان أبلج، ولا داعي أن يناقشوا موضوعاً لم يُنكره الكفار أصلاً!
واحتاج أهل السنَّة للنقاش رداً على المبتدعة ..
وهذا واضح!
[ .. و الأمثلة كثيرة ... ]
أكثر من هذه الأمثلة؛ ليتضح الحق!
اللهم اهدنا لما اختُلف فيه من الحقِّ بإذنك ..
¥