تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأجيب عنه بعدم التسليم بأنها مترددة بين القسمين، وإنما هي ملحقة بالمعتبرة لشهادة النصوص العامة والقواعد الكلية بذلك لملائمتها للمقاصد المعتبرة فهذا يرجح إلحاقها بها دون إلحاقها بالملغاة.

3 – أن المصالح إذا دل عليها الشرع انضبطت وانحصرت بما ذكره الشارع، وإن لم تكن كذلك لم تنضبط واتسع الرأي والخلاف فيها وأصبح العلماء مشرعون كالأنبياء وذهبت هيبة الشريعة.

وأجيب عنه بأن المصالح المرسلة إذا ثبتت فإنها تضبط بنصوص الشريعة العامة والقواعد الكلية المنضبطة فلا تخرج عند ذلك عن هذه الضوابط، والعلماء ليسوا مشرعين في تلك الحالة؛ لأن ما يعملون به من المصالح مضبوط بضوابط الشريعة الثابتة.

4 – أن القول بالمصلحة المرسلة قول بالرأي والهوى والتشهي، ويلزم منه أن يستغل ذلك أهل الأهواء والأغراض للوصول إلى مآربهم وأغراضهم باسم المصلحة.

وأجيب عنه بعدم التسليم في ذلك؛ لأن هذه المصالح مضبوطة بشروط وضوابط معينة منها ملاءمتها للشرع، ومنها أن تكون في جانب المعاملات والعادات، ومنها أن يكون القائل بها من أهل الاجتهاد الذي توفرت فيه شروط المجتهد فلا يمكن أن يستغل ذلك أهل الاجتهاد والخوف من الله.

5 – أن الشريعة جاءت بكل المصالح فما ظُنَّ أنه مصلحة فلا يخلو من حالين إما أن الشرع دلَّ عليه لكن لم يتبين ذلك للمجتهد، أو أنه ليس بمصلحة عند التحقيق.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (والقول الجامع أن الشريعة لا تهمل مصلحة قط بل الله تعالى قد أكمل لنا الدين وأتم النعمة، فما من شيء يقرب إلى الجنة إلا وقد حدثنا به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده إلا هالك لكن ما اعتقده العقل مصلحة وان كان الشرع لم يرد به فأحد الأمرين لازم له: إما أن الشرع دل عليه من حيث لم يعلم هذا الناظر، أو أنه ليس بمصلحة وان اعتقده مصلحة؛ لأن المصلحة هي المنفعة الحاصلة أو الغالبة، وكثيراً ما يتوهم الناس أن الشيء ينفع في الدين والدنيا ويكون فيه منفعة مرجوحة بالمضرة كما قال تعالى في الخمر والميسر: {قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما} .. )

وأجيب عنه بأن المصلحة التي تأتي بها الشريعة قد تكون بدلالة خاصة ومعينة فيظهر اعتبارها مباشرة، وقد تكون بدلالة عامة لجنس المصالح، وإن لم يدل عليها دليل خاص معين فهنا تندرج في جنس المصالح المعتبرة في الشريعة.

أدلة القول الثاني: استدل القائلون بحجية المصلحة المرسلة بما يلي:

1 – قوله تعالى: {فاعتبروا يا أولي الأبصار}.

وجه الاستدلال: أن الله تبارك وتعالى أمرنا بالاعتبار وهو المجاوزة، والاستدلال بكون الشيء مصلحة على كوه مشروعاً مجاوزة فيدخل في عموم النص.

2 – حديث معاذ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - حينما بعثه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى اليمن فقال له: إن عرض لك قضاء فبم تحكم؟ قال بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قال: أجتهد رأيي لا آلو، فضرب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما يرضي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أخرجه أبو داود والترمذي وسبق الكلام عليه.

وجه الاستدلال: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أقر معاذاً رضي الله عنه على الاجتهاد، وهو الاستنباط إذا عدم النص الخاص، واستنباطه سيكون عن طريق مجموع النصوص والقواعد الكلية في الشريعة والمصالح المرسلة تدخل في ذلك.

3 – عمل الصحابة رضي الله عنهم بالمصلحة المرسلة حتى حكي في ذلك إجماعهم، ومن ذلك:

أ – جمع المصحف في عهد أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما ولا مستند لهم إلا المصلحة؛ إذ لم يدل عليه دليل خاص، وقد حصل ذلك باتفاق الصحابة رضي الله عنهم.

ب – حدُّ شارب الخمر ثمانين في عهد عمر رضي الله عنه وكان دليلهم في ذلك المصلحة المرسلة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير