تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَأَيْضًا فَالشَّارِعُ يُحَرِّمُ الشَّيْءَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ الْخَالِصَةِ أَوْ الرَّاجِحَةِ. وَمَقْصُودُهُ بِالتَّحْرِيمِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ الْفَسَادِ وَجَعْلُهُ مَعْدُومًا. فَلَوْ كَانَ مَعَ التَّحْرِيمِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الأحْكَامِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْحَلالِ فَيَجْعَلُهُ لازِمًا نَافِذًا كَالْحلالِ لَكَانَ ذَلِكَ إلْزَامًا مِنْهُ بِالْفَسَادِ الَّذِي قَصَدَ عَدَمَهُ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْفَسَادُ قَدْ أَرَادَ عَدَمَهُ مَعَ أَنَّهُ أَلْزَمَ النَّاسَ بِهِ وَهَذَا تَنَاقُضٌ يُنَزَّهُ عَنْهُ الشَّارِعُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) انتهى.

ويدل على أن الطلاق البدعي لا يقع قوله صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها.

أي مردود عليه، وهذا يقتضي أن كل أمر حرمه الشارع فهو باطل لا أثر له، ومنه طلاق البدعة.

ولان الله تعالى قال (الطلاق مرتان) وأراد به المأذون فيه، الذي وصفه بقوله: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)، والطلاق البدعي قبيح، ولا يوصف بالحسن في شيء.

هذا وقد أجاب العلماء الذين قالوا بعدم وقوع طلاق البدعة، بأن قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر رض الله عنه: (مره فليراجعها)، المقصود به أن يمسكها، ولا يلزم منه أن طلاقه لها في الحيض قد حسب عليه.

قال شيخ الإسلام: (لما فارقها ببدنه كما جرت العادة إذا طلق امرأته اعتزلها ببدنه، واعتزلته ببدنها، فقال لعمر: مره فليراجعها، ولم يقل: فليرتجعها، والمراجعة مفاعلة من الجانبين: أي ترجع إليه ببدنها، فيجتمعان كما كانا، لان الطلاق لم يلزمه، فإذا جاء الوقت الذي أباح الله فيه الطلاق طلقها حينئذ إن شاء)

وقال (ولو كان الطلاق قد لزم لم يكن في الأمر بالرجعة ليطلقها طلقة ثانية فائدة، بل فيه مضرة عليهما، فإن له أن يطلقها بعد الرجعة بالنص والإجماع، وحينئذ يكون في الطلاق مع الأول، تكثير الطلاق، وتطويل العدة، وتعذيب الزوجين جميعا).

وقال عن الفقهاء الذين قالوا بعدم وقوع طلاق البدعة: (قالوا لانه لم يأمر ابن عمر رضي الله عنهما بالإشهاد على الرجعة كما أمر الله ورسوله، ولو كان الطلاق قد وقع وهو يرتجعها لأمر بالإشهاد، ولان الله تعالى لما ذكر الطلاق في غير آية لم يأمر أحدا بالرجعة عقيب الطلاق).

وقال (وأيضا فلو كان الطلاق المحرم قد لزم لكان حصل الفساد الذي كرهه الله ورسوله، وذلك الفساد لا يرتفع برجعة يباح له الطلاق بعدها، والأمر برجعة لافائدة فيها مما يتنزه عنه الله و رسوله صلى الله عليه وسلم) مجموع الفتاوى 33/ 5ـ25

والخلاصة أن أصح قولي العلماء، هو عدم وقوع طلاق البدعة، لانه منهي عنه، فهو فاسد إذن، مردود على قائله، و في حكم العدم، ولان مقصود تحريم الطلاق البدعي، وهو الواقع في الحيض أو في الطهر الذي جامع فيه الزوجة، منع وقوع الطلاق في زمان يكثر فيه عند غالب الناس، حفاظا على إبقاء عقد الزوجية، ودرءا لمفاسد الطلاق الكثيرة التي يبغضها الله تعالى، والقول بوقوع طلاق البدعة، يعود على هذه الحكمة الجليلة بالإبطال والله أعلم.

ـ[ابو حمدان]ــــــــ[09 - 01 - 09, 06:10 م]ـ

رائع جدا جزاكم الله خيرا

ـ[أبو عبد الرحمن العامري]ــــــــ[08 - 07 - 09, 07:43 ص]ـ

جزاكم الله خيرا

ـ[علي الغزاوي السلفي]ــــــــ[08 - 07 - 09, 08:18 ص]ـ

بارك الله فيكم، حوار علمي أديب ماتع مفيد.

من أحسن من جمع روايات حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- في وقوع الطلقة وعدمها، هو العلامة الألباني في (إرواء الغليل).

و من تأمل الروايات التي جمعها الشيخ هناك: جزم بقول جماهير أهل العلم بوقوع الطلقة.

و الله أعلم.

و أما قول أخينا ابن خثلان:

لقد تراجع الألباني عن قوله بإيقاع الطلاق البدعي الذي في الحيض كما في كتابه التعليقات الرضية على الروضة الندية وتبع قول شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه في هذه المسألة

فمجازفة منه! ذلك أن الشيخ لم يتراجع، و كلامه في (التعليقات الرضية) محتمل، وليس فيه التصريح بهذا القول، أضف إلى ذلك أن محقق الكتاب قال:

(انظر ما وصل إليه شيخنا - أخيرا- في هذه المسألة - رواية ودراية - في "إرواء الغليل") اهـ.

و الذي ينظر إرواء الغليل يعرف به أن الشيخ - رحمه الله تعالى - يقول بقول الجمهور ولم يتراجع عن ذلك، ولم يشر إلى قول سابق و لا لاحق، بل إن الشيخ رد على الاحتمال الذي أورده العلامة ابن القيم.

و الله أعلم.

ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[08 - 07 - 09, 03:12 م]ـ

جزاكم الله خير ...

فقول الجمهور قوي وقد ملت إليه .. أخيرا ..

إلا أنه لا يزال يشكل علي قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)

وضع تحت رد عشرة خطوط!!

ومن المعلوم أن طلاق الحائض بدعة ولا ينازع في ذلك ..

وأيضا قوله تعالى (فطلقوهن لعدتهن)) وهذا أمر ومن خالف يكون أوقع الطلاق في غير ما أمر به فيكون رد ..

والعجيب أن ينازع على وجود الخلاف منازع مع أن دلالة الحديث والآية قوية جدا على القول بعدم وقوعة ..

وقد رأيت بعض أهل العلم رجع إلى قول الجمهور وأجاب عن الحديث فقال مثل حديث المصراة؟

عنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ لاَ سَمْرَاءَ». رواه مسلم

دلالة هذا أنه أجاز البيع على الرغم من الغش ومن المعلوم أن الغش لا يجوز ومنهي عنه .. ومع ذلك أجاز البيع في حال إمساكها!!

وهذا ما جعلني أملي لقول جمهور أهل العلم .. أخيرا .. والله تعالى أعلم

ما رأيكم إخوتي ... أفيدونا بارك الله فيكم .. وزادكم هدى وبصيرة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير