و رواه النسائي في السنن (2/ 235) برقم (1156) بلفظ أوضح، و فيه: " فلما ركع كّبر، فلما رفع رأسه قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم سجد وكبر، ورفع رأسه وكبر، ثم كبر حين قام من الركعة ثم قال والذي نفسي بيده إني لأقربكم شبها برسول الله صلى الله عليه وسلم ما زالت هذه صلاته حتى فارق الدنيا "
و هذا اللفظ صريح في القيام من الركعة.
- و عن عكرمة قال: " رأيتُ في مسجد الحرام شيخًا يصلي؛ فإذا رفع رأسه كبّر، و إذا وضع رأسه كبّر، و إذا نهض فيما بين التكبيرتين كبّر. فأنكرتُ ذلك فأتيتُ ابن عباس فأخبرته، فقال: لا أُمّ لك، تلك صلاة أبي القاسم صلى الله عليه و سلم."
الحديث رواه البخاري (787 – 788)، و الطبراني في الكبير
(11933) و اللفظ له.
و قوله: " و إذا نهض فيما بين التكبيرتين " يعني: بين الركعتين كما هو ظاهر سياق الحديث. و هو صريح في ترك جلسة الإستراحة.
و قد روى أحمد و الطحاوي و الطبراني عن عكرمة أنّ ذلك الشيخ هو أبو هريرة رضي الله عنه.
و الحديث ورد عند البخاري بلفظين؛ أحدهما فيه:
" يكبّر في كل خفض و رفع، و إذا قام و إذا رفع ".
و في الآخر:
" فكبّر ثنتين و عشرين تكبيرة "
و عند الجمع بين اللفظين اللذَين مخرجهما واحد، فإنه لا يستقيم سياقهما إلاّ إذا أُلغيت جلسة الإستراحة. و تحريره: أن يكون الرفع و القيام معًا بتكبيرة واحدة، و قد ورد ذلك في بعض ألفاظ حديث المسيء صلاته، و فيه: " ثمّ اسجد حتى تطمئنّ ساجدًا، ثمّ ارفع فقُم ... "
و كل هذه الأحاديث تشهد لحديث أبي هريرة: " كان النبي صلى الله عليه و سلم ينهض في الصلاة على صدور قدميه " أي: لا يجلس جلسة الإستراحة. حتى و إن كان ظاهر سنده ضعيفًا.
- و عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنه: " جمع قومه فقال يا معشر الأشعريين اجتمعوا واجمعوا نساءكم وأبناءكم أعلمكم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم صلى لنا بالمدينة فاجتمعوا وجمعوا نساءهم وأبناءهم فتوضأ وأراهم كيف يتوضأ فأحصى الوضوء إلى أماكنه حتى لما أن فاء الفيء وانكسر الظل قام فأذن فصف الرجال في أدنى الصف وصف الولدان خلفهم وصف النساء خلف الولدان ثم أقام الصلاة فتقدم فرفع يديه فكبر فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة يسرهما ثم كبر فركع فقال سبحان الله وبحمده ثلاث مرار ثم قال سمع الله لمن حمده واستوى قائما ثم كبر وخر ساجدا ثم كبر فرفع رأسه ثم كبر فسجد ثم كبر فانتهض قائما فكان تكبيره في أول ركعة ست تكبيرات وكبر حين قام إلى الركعة الثانية فلما قضى صلاته أقبل إلى قومه بوجهه فقال احفظوا تكبيري وتعلموا ركوعي وسجودي فإنها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان يصلي لنا كذا الساعة من النهار ... الحديث "
قال الهيثمي (2/ 130): - رواه أحمد، و في رواية عنده: " فصلّى الظهر فقرأ بفاتحة الكتاب و كبَّر ثنتين و عشرين تكبيرةً ". و الطبراني، و في طُرقها كلها (شهر بن حوشب) و فيه كلام، و هو ثقة إن شاء الله.
قلت: قال المنذري في الترغيب و الترهيب (4/ 48): الحديث رواه أحمد و أبو يعلى بإسناد حسن، و الحاكم و قال: صحيح الإسناد.
قلت: القول الراجح في (شهر بن حوشب) ما قاله الحافظان؛ الهيثمي و المنذري. و قد أخطأ مَن أطلق تضعيفه، و مَن سبر أحاديثه أدرك ذلك.
قال الذهبي في (مَن تُكلّم فيه) (1/ 100): " شهر بن حوشب علم من علماء التابعين وثقه أحمد وابن معين وقال أبو حاتم ما هو بدون أبي الزبير وقال النسائي وغيره ليس بالقوي.
و قال أبو حفص الواعظ في – تاريخ أسماء الثقات – (1/ 111): "وقال يحيى: شهر بن حوشب ثبت وفي رواية أخرى عنه: شامي نزل البصرة وكان من الأشعريين من أنفَسهم وهو ثقة."
قلت: روى عنه الأئمة؛ مسلم في صحيحه، و البخاري في (الأدب المفرد) و كان يثني عليه و يقوي أمره كما ذكر الترمذي، و أصحاب السنن و غيرهم.
و المحققون من علماء الحديث يصححون حديثه منهم الهيثمي و المنذري و البوصيري (مصباح الزجاجة 1/ 13)، و الحافظ كما في (الفتح 3/ 65) قال: " شهر حسن الحديث، و إن كان فيه بعض الضعف ". و هذا هو الحق.
¥