و في رواية للطبراني في المعجم الكبير (4528):
" فإذا جلست في وسط صلاتك فاطمئنّ و افترش فخذك اليسرى، ثمّ تشهّد، ثمّ إذا قمت فمثل ذلك حتى تفرغ من صلاتك "
و في هذه الرواية؛ الإفتراش، و هو غير واجب.بل و الجلوس كله سنّة.
و في رواية للنسائي (1136): " ثمّ يكبّر و يركع ... ثمّ يقول: سمع الله لمن حمده ... ثمّ يكبّر فيسجد و يمكّن جبهته من الأرض ... ثمّ يكبّر فيرفع رأسه و يستوي قاعدًا على مقعدته و يقيم صلبه ... "
قال المنذري (1/ 301): قال ابن عبد البر: هذا حديث ثابت.
و فيه: الأمر بإيقاع التكبير مع السجود، كما تفيده الفاء. و هذا ليس بواجب، بدليل الرواية التالية التي فيها الأمر بإيقاع التكبير قبل السجود، كما تفيده (ثم) التي للتراخي.
و هي عند أبي داود (857) و فيها: " ثمّ يقول: الله أكبر، ثمّ يركع حتى تطمئنّ مفاصله، ثمّ يقول: سمع الله لمن حمده حتى يستوي قائمًا، ثمّ يقول: الله أكبر، ثمّ يسجد حتى تطمئنّ مفاصله، ثمّ يقول: الله أكبر و يرفع رأسه حتى يستوي قاعدًا، ثمّ يقول: الله أكبر، ثمّ يسجد حتى تطمئنّ مفاصله، ثمّ يرفع رأسه فيكبّر ... "
و فيها: تكبيرات الإنتقال، قال ابن بطال – كما نقله الحافظ في
(الفتح 2/ 271) -: ترك النّكير على مَن ترك التكبير، يدلّ على أنّ السلف لم يتلقَّوه على أنّه ركن من الصلاة.
و كذلك قال ابن عبد البر (التمهيد 7/ 87): وأما التكبير فيما عدا الإحرام فقد كان تركه الصدر الأول فلذلك قال لهم أبو هريرة أنا أشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعب بعضهم على بعض تركه بل جعلوه من باب الكمال والتمام فلذلك قلنا أن التكبير فيما عدا الإحرام سنة يحسن العمل بها وليس بواجب وعلى هذا جمهور الفقهاء.
و لابن خزيمة (545): " إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله ثم تشهد فأقم ثم كبر ... ". و رواه أبوداود (861) و الترمذي (302).
و فيه: الأمر بالتشهّد؛ قيل هو قول " أشهد أن لا إله إلاّ الله، و أنّ محمّدًأ رسول الله " بعد الوضوء. و قيل: التشهّد يعني الأذان، واستظهره المباركفوري في (التحفة)، و مهما يكن من معنى، فلا التشهّد بواجب و لا الأذان بفرض على الأعيان، و لا الإقامة ..
المطلب الثالث: و هو بيان استمرار السلف على ترك جلسة الإستراحة و هذه طائفة من أخبارهم:
عن عبد الرحمن بن يزيد قال: " رمقتُ عبد الله بن مسعود في الصلاة، فرأيتُه ينهض على صدور قدميه و لا يجلس إذا صلى في أول ركعة حين يقضي السجود "
رواه الطبراني في الكبير (9327) و صححه الحافظ في (الفتح2/ 203) و البيهقي في (الكبرى2/ 125) و اللفظ له، و أقرّ بصحته.
و في رواية أخرى عند الطبراني (9330) عن إبراهيم قال: " كان عبد الله إذا كبر حين يرفع رأسه من السجدة قام بها "
و حين تذكر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فإنك تذكر سادس ستّة في الإسلام، كان يقول أمام الملأ: " ألا أصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ "
رواه أحمد (1/ 442) و أبو داود و الترمذي و حسّنه، و ابن حزم (4/ 88) و صحّحه.
و الصلاة التي كان ينعتها و ينسبها لرسول الله صلى الله عليه و سلم، هي صلاته التي ذكرناها خالية من تلك الجلسة، فلها حكم المرفوع.
عن عبيد بن أبي الجعد قال: " كان عليّ ينهض في الصلاة على صدور قدميه " أي لا يجلس في وتر من صلاته.
رواه ابن أبي شيبة (3978)
و حين تذكر عليًّا فينبغي أن تذكر قولَ عمران بن الحصين فيه، و قد صلّى مرّةً وراءه: " لقد صلّى بنا هذا صلاةَ محمد صلى الله عليه و سلم " رواه البخاري (826)
و عن ابن عمر " أنه كان ينهض في الصلاة على صدور قدميه " ابن أبي شيبة
(3985)
و من وجه آخر: " أنه كان يقوم إذا رفع رأسه من السجدة معتمدا على يديه قبل أن يرفعهما " عبد الرزاق (2964)
و تحرّي عبد الله بن عمر في اتّباع السنة لا يحتاج إلى كلام ...
هذا، و قد اعترض الإمام البيهقي رحمه الله في (السنن 2125) و قال: وابن عمر قد بّين في رواية المغيرة بن حكيم عنه أنه ليس من سنة الصلاة وإنما فعل ذلك من أجل أنه يشتكي.
¥