تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

7– ذكر شيخ الإسلام في "شرح العمدة" (2

75) وابن القيم في "الصلاة" (ص67) أن هذا هو إجماع الصحابة، لقول عمر بمحضر الصحابة دون إنكار عليه: "لا حظ في الإسلام، لمن ترك الصلاة" أو "لا إسلام لمن لم يصل".

8– هذا ولم يستطع القائلون بعدم التكفير، أن يظفروا بصحابي واحد يقول بقولهم. بل ولم يصح لهم عن التابعين عن أحد غير الزهري، وهو من صغار التابعين.

قال ابن حزم المحلى (2

242): «ما نعلم لمن ذكرنا من الصحابة r مخالفاً منهم. وهم (أي أتباع المذاهب الأربعة) يشنِّعون بخلاف الصاحب إذا وافق أهواءهم. وقد جاء عن عمر، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاذ بن جبل، وأبي هريرة، وغيرهم من الصحابة r: أن من ترك صلاة فرضٍ واحدة متعمداً حتى يخرج وقتها، فهو كافر مرتد».

وقد نقله المنذري في "الترغيب والترهيب" (1

393) وزاد من الصحابة: «عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبا الدرداء، رضي الله عنهم». قال: «ومن غير الصحابة: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن المبارك، وإبراهيم النخعي، والحكم بن عتيبة، وأيوب السختياني، وأبو داود الطيالسي، وأبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، وغيرهم».

وهذا هو قول جماهير أهل الحديث. وهو مذهب سعيد بن جبير، والحسن البصري، والشعبي، والأوزاعي، ونسب إلى محمد بن الحسن. وهو القول الصحيح للإمام الشافعي، كما ذكره ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات} (مريم:59). ونقله الطحاوي عن الشافعي نفسه. ومعلومٌ أن الطحاوي (قبل أن يصير حنفياً) أخذ الفقه الشافعي عن خاله المزني صاحب الإمام الشافعي. ولا يقال أنه خلط مذهب خاله بمذهب الشافعي، لأن المزني يذهب –مثله مثل الزهري وأبي حنيفة– إلى عدم قتل تارك الصلاة فضلاً عن تكفيره.

ويزعم البعض أن الشافعي ومالك يقولان بقتل تارك الصلاة، ولا يقولان بكفره. مع أنه ليس للشافعي، ولا لمالك، ولا لكثير من الأئمة نصوص في عدم تكفير تارك الصلاة. نعم، نصوا على قتل تارك الصلاة، وليس هذا معناه أنهم يرونه مسلماً. وكذلك هي حال مكحول وحماد بن زيد ووكيع بن الجراح. قال شيخ الإسلام في الفتاوى (28

308): «وأكثر السلف على أنه يُقتل كافراً، وهذا كله مع الإقرار بوجوبها».

فائدة: قال ابن القيم: «لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمداً من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال، ومن إثم الزنا، والسرقة وشرب الخمر، وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه، وخزيه في الدنيا والآخرة».

حجج المعارضين:

فإن قال قائل: ألا يجوز أن تحمل النصوص الدالة على كفر تارك الصلاة على من تركها جاحدا لوجوبها؟ قلنا: لا يجوز ذلك لأن فيه محذورين:

الأول: إلغاء الوصف الذي اعتبره الشارع وعلق الحكم به. فإن الشارع علق الحكم بالكفر على الترك دون الجحود. ورتب الأخوة في الدين على إقامة الصلاة، دون الإقرار بوجوبها. لم يقل الله تعالى: فإن تابوا وأقروا بوجوب الصلاة، ولم يقل النبي r بين الرجل وبين الشرك والكفر جحد وجوب الصلاة. أو العهد الذي بيننا وبينهم الإقرار بوجوب الصلاة، فمن جحد وجوبها فقد كفر. ولو كان هذا مراد الله تعالى ورسوله لكان العدول عنه خلاف البيان الذي جاء به القرآن الكريم، قال الله تعالى: {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء} (النحل:89). وقال تعالى مخاطبا نبيه: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم}. (النحل:44).

الثاني: اعتبار وصف لم يجعله الشارع مناطا للحكم: فإن جحود وجوب الصلوات الخمس موجب لكفر من لا يعذر بجهله فيه سواء صلى أم ترك.

فإن قال قائل: ألا يحتمل أن يراد الكفر في تارك الصلاة كفر بالنعمة لا كفر بالملة؟ أو أن المراد به كفر دون الكفر الأكبر؟ فيكون كقوله r: « اثنتان بالناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة في الميت» وقوله r: « سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» وقوله r: « اثنتان في الناس هما بهم كفر» ونحو ذلك.

قلنا: هذا الاحتمال والتنظير له لا يصح لوجوه:

الأول: أن النبي r جعل الصلاة حَدَّاً فاصِلاً بين الكفر والإيمان، وبين المؤمنين والكفار. والحد يميز المحدود ويخرجه عن غيره. فالمحدودان متغايران لا يدخل أحدهما في الآخر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير