تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلدينا إذن دليلان على أن علة الحجاب وسببه هو: تحصيل طهارة القلب:

- الأول: أن هذا هو الظاهر، وليس ثمة شيء يصرف هذا الظاهر، لا عقلا، ولا شرعا.

- الثاني: أنه لم يؤثر عن المفسرين إنكارهم هذه العلة، وهذه أقوال جملة منهم:

1 - قال ابن كثير: " {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}، أي: هذا الذي أمرتكم به، وشرعته لكم من الحجاب: أطهر وأطيب" 6/ 445

2 - قال القرطبي: "يريد من الخواطر التي تعرض للرجال في أمر النساء، وللنساء في أمر الرجال؛ أي ذلك أنفى للريبة، وأبعد للتهمة، وأقوى للحماية". 14/ 228

3 - ابن جرير: "يقول تعالى ذكره: سؤالكم إياهن المتاع، إذا سألتموهن ذلك من وراء حجاب: أطهر لقلوبكم وقلوبهن من عوارض العين فيها، التي تعرض في صدور الرجال من أمر النساء، وفي صدور النساء من أمر الرجال، وأحرى من ألا يكون للشيطان عليكم وعليهن سبيل". 19/ 166

4 - ومثلما قال القرطبي وابن جرير قال ابن عطية 3/ 396.

5 - قال البغوي: "من الريب" 3/ 446.

6 - قال ابن الجوزي: "من الريبة" 6/ 221.

7 - قال ابن العربي: "المعنى: أن ذلك أنفى للريبة، وأبعد للتهمة، وأقوى للحماية"3/ 1579

8 - قال أبو حيان: " {ذلكم}، أي السؤال من وراء حجاب: أطهر. يريد من الخواطر التي تخطر للرجال في أمر النساء، والنساء في أمر الرجال، إذ الرؤية سبب التعلق والفتنة" 7/ 238

9 - ومثله قال الشوكاني 4/ 298.

10 - وكلام الشنقيطي في هذا معروف، وقد تقدم في الوجه الأول من المبحث.

فهذه نصوص أهل العلم من المفسرين، لم ينف أحد منهم كون العلة هي: طهارة القلب من الريبة. ولم يكن أحد منهم متنطعا في معرفة العلة، فإنها ظاهرة بينة، لا تحتاج إلى تفحص وتنقيب .. !!.

وهذا هو الحق، وهو الظاهر الذي لا يصرفه شيء. فافتراض نفي هذه العلة كليا: أمر لم أره لأحد من أهل العلم، فإن كان ثمة أحد قال به، فللأخ العزيز بالله أن يعرفنا به.

------

فهل قوله تعالى: {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله}، علة للحجاب؟.

يقال: هنا احتمالان لا ثالث لهما: أن يكون، وألا يكون.

ولو استبعدنا الاحتمال الثاني، فهل القول بأنه علة يلزم نفي العلة الأولى؟.

كلا، بل لا مانع أن يكون للحكم الواحد أكثر من علة، ما دامت متوافقة غير متضادة، كما في قوله تعالى:

{ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا}، فقد ساقت الآية ثلاث علل للحكم.

وبهذا قال بعض العلماء:

1 - قال ابن العربي: " قوله: {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله}، وهذا تكرار للعلة، وتأكيد لحكمها، وتأكيد العلل أقوى في الأحكام" 3/ 1579 .. قال هذا بعد ذكره العلة الأولى.

2 - قال القرطبي: "هذا تكرار للعلة وتأكيد لحكمها، وتأكيد العلل أقوى في الأحكام" 14/ 228 .. كذلك قاله بعد ذكره العلة الأولى.

إذن: فرض قوله تعالى: {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله} علة للحجاب، للتوصل به إلى نفي العلة المذكورة في قوله: {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}، فرض باطل، غير لازم؛ فلا تعارض بينهما، حتى يلزم من إثبات أحدهما نفي الآخر.

فخرجنا بهذا: أن علة الحكم هو تحصيل طهارة القلب، وعلى هذا أقوال المفسرين.

ولا مانع من إضافة علة أخرى هي: الكف عن أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم بعد هذا:

- إذا كان هو ظاهر الآية، وكل من يقرأ يفهمه للوهلة الأولى.

- وإذا كان هذا هو قول سائر العلماء من المفسرين، ولم يعرف عن أحد من السابقين أنه أنكرها كعلة.

فينتج من ذلك:

أن محاولة إبطال هذه العلة قول محدث، لم يقله أحد.

فيجب طرحه، وعدم الانشغال به أو الالتفات إليه أصلا.

لأنه لا يمكن أن يكون قولا معتبرا، ثم يخفى على جميع هؤلاء العلماء، فلا يشير إليه أحد، حتى يأتي متأخر فيتحدث به.

فالأمة لا تجتمع على ضلالة.

وكذا الجمهور لا يجتمعون على ضلالة.


ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[31 - 12 - 04, 11:59 م]ـ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى وأزواجه وذريته أما بعد:

في الحقيقة نشكر الشيخ الفاضل الدكتور لطف الله على إثراء هذا الملتقى بهذه البحوث الجادة والمفيدة والنافعة ونريد منه الاستمرار في نشر بحوثه االمفيدة في جميع المجالات وخاصة فيما يتعلق بالعقيدة وجعل ذلك في موازين حسناته

وبالنسبة لهذا البحث فلا بأس أن أختلف مع الشيخ فيما ذكره ولعل الشيخ يعذرنا في ذلك! وهنا عدة أمور لابد من بيانها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير