تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويقول المحامي ممدوح عزمي في مقدمة الكتاب الذي دونه للتعريف بالزواج العرفي: "نتعرض في هذا الباب إلى بيان تعريف الزواج بصفة عامة وانطباق هذا التعريف على الزواج العرفي". ثم يقول: "والجدير بالذكر أن الزواج العرفي يجب ان تتوفر فيه ذات الشروط والأركان التي يجب توافرها في الزواج الرسمي الموثق". ويقول أيضاً: "إذا تأملنا في عقد الزواج وكونه عقداً رضائياً (مع وجود شاهدين) نجد أن هذا التعريف لم يفرق بين ما إذا كان الزواج عقداً مكتوباً أو غير مكتوب، موثقاً أو غير موثق، رسمياً أو عرفياً، لذلك فقد اتفق أهل الفقه على أنه لا فرق بين تعريف الزواج العرفي أو الزواج الرسمي الموثق ... ونخلص مما سبق أن تعريف الزواج العرفي ينحصر في كونه عقداً عرفياً بمقتضاه يحل للعاقدين الاستمتاع ببعضهما على الوجه المشروع بمجرد ثبوت التراضي فيما بينهما شريطة وجود شاهدي عدل على هذا الزواج ليتحقق شرط الإشهاد في نظر عاقديه".

ثانياً: الفرق بين الزواج العرفي والزواج الرسمي:

كل من الزواج العرفي والزواج الرسمي يعتبر عقداً شرعياً كما سبق بيانه، والفارق بينهما أن الزواج الرسمي تصدر به وثيقة رسمية من الدولة، بخلاف الزواج العرفي الذي يعقد مشافهة أو تكتب فيه ورقة عرفية، وقد عرف رجال القضاء المعاصرون الوثيقة الرسمية بأنها "التي تصدر من موظف مختص بمقتضى وظيفته بإصدارها". والوثيقة الرسمية لا تقبل الإنكار، ولا يجوز الطعن فيها بحال، وبناءً على ذلك يثبت بها عقد النكاح قطعاً. أما عقد الزواج العرفي ولو أثبت بالشهود، أو وثيقة عرفية فإنه يقبل الطعن فيه، ويقبل الإنكار. يقول الدكتور عبد الفتاح عمرو: "العقد العرفي يعتبر كالورقة العرفية التي تقبل الطعن والتزوير والإنكار، أما العقد الرسمي فهو كالوثائق الرسمية التي لا تقبل الطعن بالإنكار".

نظرة في تاريخ توثيق العقود بالكتابة:

اكتفى المسلمون في سابق عصورهم بعقد الزواج بألفاظ مخصوصة، وتوثيقه بالشهادة، ولم يروا آنذاك حاجة لتوثيقه بالكتابة. ومع تطور الحياة وتغير الأحوال، وما يحتمل أن يطرأ على الشهود من عوارض الغفلة والنسيان والموت، وما يقتضيه واقع الحال في تدوين كافة العقود المتعلقة بأحوال الناس وتوثيقها اصبحت هناك حاجة لتوثيق عقود الزواج بالكتابة، مما اقتضى النص في العديد من القوانين على الإلزام بالتوثيق، وفق تنظيم معين.

ابتدأت كتابة العقود عند المسلمين عندما بدؤوا يؤخرون المهر أو شيئاً منه، وأصبحت هذه الوثائق التي يدون فيها مؤخر الصداق أحياناً وثيقة لإثبات الزواج.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "لم يكن الصحابة يكتبون (صداقات) لأنهم لم يكونوا يتزوجون على مؤخر، بل يعجلون المهر، وإن أخّروه فهو معروف، فلما صار الناس يزوجون على المؤخر، والمدة تطول وينسى صاروا يكتبون المؤخر، وصار ذلك حجة في إثبات الصداق وفي أنها زوجة له". وفي العصر الحاضر ألزمت قوانين الأحوال الشخصية بتسجيل عقود الزواج.

ولتوثيق العقود عموماً منافع كبيرة، وقد شرعه الله لمصلحة عباده حفظاً لحقوقهم، وقد وثّق رسول الله (ص) الكثير من معاملاته ومراسلاته، وأمر بالكتابة في الصلح مع المشركين، وتوالى التوثيق بالإشهاد والكتابة منذ عهده، وعهد من بعده عليه السلام استشعاراً منهم لأهميته.

أما عن توثيق عقد الزواج فقد دلت السنة على وجوب توثيقه بالشهادة، لقوله: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل"، واستدلالاً بهذا اتفق جمهور الفقهاء على أن النكاح لا ينعقد إلا بشاهدين، والعلة في وجود الإشهاد على الزواج واضحة في كونها تدل على إشهاره وإعلانه عن طريق النقل والتسامع بين الناس مما ينفي التهمة ويحفظ حقوق الزوجة والأولاد، ودفع احتمالات الإنكار.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير