ثم شرع يبين رحمه الله تعالى أن من ارتكب فعلا كفريا أو شركيا فإنه يطلق عليه الكفر والشرك، وأن التعريف إنما يكون في المسائل الخفية كمسائل نازع فيها بعض أهل البدع كالقدرية والمرجئة أو الصرف والعطف، لا المسائل الجلية والتي هي صلب دين الإسلام.
وراجع تلك الرسالة أخي الحبيب ففيها علم جم.
وأما بالنسبة لقوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا فإنهم رحمهم الله تعالى ردوا ببيان أنه ليس كل كفر اثبت على عبد يقصد به الكفر المستلزم للعذاب في الآخرة:
وبيان ذلك أنا نقول إن العبد إذا فعل فعل الكفر في المسائل الكبيرة التي لا يعذر فيها، فإنه يكفر بذلك لأن ظاهره عندنا هو الكفر، لأن الله تعالى ورسوله قد كفرا من فعل هذا، أما باطنه فإنا لا نعلمه فنكل الباطن إلى الله تعالى فإن الله تعالى لا يعذب عبدا إلا إذا بلغته الحجة، وفي ذلك يقول حمد بن ناصر رحمه الله تعالى كما في الكتاب الفذ العجاب الدرر السنية:
من كان يعبد الأصنام ومات على ذلك قبل ظهور هذا الدين فهذا ظاهره الكفر وإن كان يحتمل أنه لم تقم على الحجة الرسالية لجهله وعدم من ينبهه لأنا نحكم على الظاهر وأما الحكم على الباطن فذلك إلى الله والله تعالى لا يعذب أحد إلا بعد قيام الحجة عليه كما قال تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا.
وأما من مات منهم مجهول الحال فهذا لا نتعرض له ولا نحكم بكفره ولا بإسلامه وليس ذلك مما كلفنا به تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون.
ويقصد رحمه الله تعالى بمن يعبد الأصنام من كان يعبد الأضرحة ونحوه وقوله ظهور هذا الدين أي دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رضوان الله تعالى عليه.
وبناء على ما سبق:
هل يكفر المعين إذا فعل فعل الكفر الذي لا خفاء فيه ولا يعذر فيه فأنقل لك كلمة الشيخ أبا بطين رحمه الله تعالى في ختام رسالته حكم تكفير المعين ناقلا عن شيخ الإسلام ومقررا لها:
وأما ما سئلت عنه من أنه هل يجوز تعيين إنسان بعينه بالكفر إذا ارتكب شيئا من المكفرات؟ فالأمر الذي دل الكتاب والسنة وإجماع العلماء عليه أنه كفر مثل الشرك بعبادة غير الله سبحانه، فمن ارتكب شيئا من هذا النوع أو حسّنه فهذا لا شك في كفره، ولا بأس بمن تحققت منه شيئا من ذلك أن تقول كفر فلان بهذا الفعل.
يبين هذا أن الفقهاء يذكرون في باب حكم المرتد أشياء كثيرة يصير بها المسلم مرتدا كافرا، ويستفتحون هذا الباب بقولهم: من أشرك بالله كفر وحكمه أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل، والاستتابة إنما تكون مع معين، ولما قال بعض أهل البدع عند الشافعي: أن القرآن مخلوق، قال: كفرت بالله العظيم.
وكلام العلماء في تكفير المعين كثير وأعظم أنواع الكفر الشرك بعبادة غير الله وهو كفر بإجماع المسلمين ولا مانع من تكفير من اتصف بذلك كما أن من زنى قيل فلان زان ومن رابى قيل فلان مراب.
فهذا مختصر أخي الحبيب العزيز السعيد بإذونه تعالى لمقاصد المسألة الرئيسية وسامحنى على الحكاية عن العلماء بالمعنى فلم يكن بين يدي إلا رسالة أبا بطين فنقلت عنها بالنص.
وجزاكم الله تعالى خير الجزاء وبارك فيكم ونفع بكم.
ـ[محمد سعيد]ــــــــ[18 - 06 - 05, 03:15 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم
لكن هب أن أمرا كفريا لم ينتشر العلم بأنه كفر بين الناس بسبب علماء السؤء مثلا وغير ذلك , والشخص يفعل هذا الفعل معتقدا حرمته فقط أو كراهته ولا يعلم أنه كفر فهل يكفر عينا؟
بمعنى هل جهل العاقبة هنا معتبر أم لا؟
أرجو ان تكون فهمت مقصدي
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[18 - 06 - 05, 11:35 م]ـ
الأخ الحبيب السعيد محمد بن سعيد حفظه الله تعالى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
سامحني لم أر مدراستك الأخيرة إلا الآن وقد فهمت قصدكم أخي الكريم جزاكم الله تعالى خيرا وخلاصته أن مرتكب الكفر الأكبر قد يعذر بأسباب منها أنه يرى ما فعله ذنب وليس بكفر، ومنها أن علماء السوء يدلسون على العوام دينهم ويجعلون لهم الحق باطل والباطل حق، ومع هذا أخي الحبيب فلا ينعقد ما ذكرت كعذر لمن ارتكب الكفر الأكبر لأمور:
¥