أما الدكتور محمد الصغير الأستاذ المشارك في الطب النفسي بكلية الطب في جامعة الملك سعود والمدرب المعتمد من الاتحاد العالمي للبرمجة العصبية واللغوية فيقول: إن البرمجة اللغوية العصبية لها فوائد عديدة في حياة الإنسان لا تتعارض مع الشرع وإن في بعض مناهج البرمجة مداخل ومثالب عقدية وعلمية وأخلاقية يمكن تمحيصها وبيانها وعزلها عن البرمجة دون الإطاحة بفكرة البرمجة الأساسية وأن تصور حقيقة البرمجة لا يتم من خلال قراءة مذكرة مدرب قد يكون لديه تصورات أو ممارسة مغلوطة.
والبرمجة رغم نشأتها في أحضان غربية بين مناهج نفسية وفكرية مغلوطة وتأثرها بتلك المؤثرات يمكن عند التعمق في فهمها أن ينقحها المسلمون وأن يستثمروها استثماراً حسناً في مجالات شتى (في التعليم والتربية والعلاج النفسي والعلاقات العامة وأي مجال يتناول الإنسان بمشاعره وتفكيره وإدراكه وسلوكه وعلاقاته).
البرمجة والقدرية
ويشير الدكتور الصغير إلى أنه يتصور بعض أهل البرمجة أن البرمجة تمكن الإنسان من التحكم في قدره ومصيره بعيداً عن تقدير الله فيقولون إن المتفائل شخص برمج نفسه على النجاح فوجده حتماً والمتشائم عكسه تبرمج علي الفشل فوجده حتماً وأن تحقيق الناجح للنجاح مرهون فقط (وفقط) بقدرته على برمجة نفسه على النجاح فجعلوا البرمجة تقتضي مصارعة القدر ومغالبة قضاء الله تعالى في الكون وكأن الإنسان مستقل بفعله بعيدا تماماً عن مشيئة الله تعالى الذي يقول: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله}.
فالخلاصة أنك قد تجد من أبناء المسلمين من يتعلم البرمجة فيفهمها فهم القدرية بطريقة لا واعية وذلك لكثرة ما عايش الجبرية اللاواعية بينما يمكن البرمجة بدون مفهوم القدرية هذا. ومما يرسخ مفهوم القدرية هنا لدى البعض أمور عدة:
1ـ النتائج التي قد يلمسونها في واقعهم عند نبذ الجبرية اللاواعية والانتقال من الفشل إلى النجاح.
2ـ الانبهار بالبرمجة ومدربيها وما يقولون وما يفعلون وما يقصون وما يكتبون.
3ـ قلة وعي كثير ممن دخلوا البرمجة بالأبعاد العقدية أو الفلسفات الفكرية أو المدارس النفسية التي اقتبست منها البرمجة.
البرمجة والعقل الباطن
ويؤكد د. الصغير أن من الملحوظات العقدية تعظيم شأن العقل الباطن وجعله فوق مستوى القدرات الإنسانية. فالبعض يتصور أن العقل الباطن يملك قدرات لا متناهية وغير محدودة (وإن كان غالب من يقول ذلك يقصد المبالغة في تصوير تلك القدرات لا حقيقة كونها غير محدودة). والبعض يتصور أن العقل الباطن قادر على كشف حجب الغيب بشكل أو بآخر (وهذا التصور له جذور في فكر فلاسفة اليونان وما ذكروه عن العقول الكونية والأفلاك ونحو ذلك). والبعض يظن أن العقل الباطن قادر (متى شاء هو باختياره المحض) أن يشفي من الأمراض المستعصية لدى صاحبه فبمجرد إرضاء العقل الباطن واقتناعه يستطيع أن يتحكم في مصير وقدر صاحبه.
البرمجة والمشي على الجمر
ويضيف قائلاً: من الملحوظات أيضاً المشي على الجمر وهذا الأسلوب ليس من البرمجة وإنما من اهتمامات أنتوني روبنز واستعراضاته التي أقحمها في البرمجة وروبنز له كتابات جيدة في البرمجة هي عبارة عن تلخيص أفكار غيره ولكنهم لم يكونوا يمشون على الجمر وإنما هو أراد التميز والإبهار وجذب الأنظار ونحو ذلك، وربط ذلك بالبرمجة فتابعه البعض في البرمجة وفي المشي على الجمر وهذا لا يناسب المجتمع المسلم ولاسيما أن المشي على الجمر فيه تقليد لطوائف ضالة وفيه خطورة وضرر علي الجسم.
وقفات متأمل للبرمجة
فضيلة الشيخ خالد بن عبد الرحمن الشايع كان له مشاركة مميزة في هذا التحقيق حيث أورد ملخصاً لأبحاثه في البرمجة يقول فيه: عند التأمل الدقيق والفحص الحصيف لمبادئ هذا (العلم) وما يكوّنه في نفسيات متعاطيه نجد أنه لا يخلو من إحدى محصلتين كبريين:
الأولى: نتائج إيجابية من جهة تكوين الشخصية السوية والنفسية الصحيحة، والتي تمكن الإنسان من حسن التعامل مع الآخرين.
الثانية: نتائج سلبية بسبب معارضتها لأصول شرعية قطعية، ومصادمتها لدلالات نصوص واضحة، وهذه المحصلة هي التي سعى بعض الفضلاء من المسلمين ممن يقدمون هذه الدورات لتلافيها وعدم تقديمها.
¥