تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وخالف تسعتهم: يَحْيَى بْنُ السَّكَنِ، فأدخل بين شُعْبَةَ وَسُهَيْلٍ: إِدْرِيسَ الْكُوفِيَّ، فأخطأ.

أخرجه الطبرانِيُّ ((الأوسط)) (6929) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَبِيبٍ ثَنَا أبُو يُوسُفَ الصَّيْدَلانِيُّ ثَنَا يَحْيَى بْنُ السَّكَنِ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِدْرِيسَ الْكُوفِيِّ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا وُضُوءَ إِلا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ)).

قال أبو القاسم: ((لَمْ يُدْخِلْ أَحَدٌ مِمَّنْ روى هذا الحديث عَنْ شُعْبَةَ بين شُعْبَةَ وَسُهَيْلٍ: إِدْرِيسَ إلا يَحْيَى بْنُ السَّكَنِ)).

وخالف العشرة: مُحَمَّدُ بْنُ أبِي سُمَيْنَةَ الْبَغْدَادِيُّ عن سَعِيدُ بْنُ عَاِمٍر، فأبعد فِي الوهم والخطأ.

قال أبو يعلى ((معجمه)) (20): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أبِي سُمَيْنَةَ الْبَغْدَادِيُّ َثنا سَعِيدُ بْنُ عَاِمٍر ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا يَنْصَرِفْ أَحَدُكُمْ مِنْ الصَّلاةِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتَاً، أَوْ يَجِدَ رِيْحَاً)).

قال ابن أبِي حاتم ((علل الحديث)) (1/ 47/107): ((سمعت أبِي، وذكر حديث شُعْبَةَ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا وُضُوءَ إِلا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ)). قال أبِي: هَذَا وَهْمٌ، اختصر شُعْبَةُ متن هذا الحديث، فقال ((لا وُضُوءَ إِلا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ) ورواه أصحاب سُهَيْلٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاةِ، فَوَجَدَ رِيحًا مِنْ نَفْسِهِ، فَلا يَخْرُجَنَّ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا)) اهـ.

وتعقبه القاضِي الشوكانِيُّ بما لا طائلَ وراءه، فقال فِي ((نيل الأوطار)): ((وشُعْبَةُ إمامٌ حافظٌ واسعُ الرِّواية، وقد روى هذا اللفظ بهذه الصيغة المشتملة على الحصر، ودينه وإمامته ومعرفته بلسان العرب يردُّ ما ذكره أبو حاتم الرَّازِيُّ)) اهـ.

قُلْتُ: إنَّ الحكم على شُعْبَةُ بالوهم فِي هذا الحديث ليس طعناً فِي إمامته وعدالته وإتقانه وحقظه وتثبته وجلالته، وإنما هو كقول أبِي زرعة ((أَكْثَرُ وَهْمِ شُعْبَةَ فِي أَسْمَاءِ الرِّجَالِ) وقول أحمد بن حنبل: ((ما أكثر ما يخطئ شُعْبَةُ فِي أسامي الرِّجَالِ) وقوله كذلك: ((كان شُعْبَةُ يحفظ، ثم يكتب إلا شيئاً قليلاً، ربما وهم فِي الشئ)). فهل يعد هذا طعناً أو تنقيصاً من جلالة شُعْبَةَ وإمامته؟!.

وأبو حاتم الرَّازى الذى جزم بوهم شُعْبَةَ وشذوذه فِي هذا الحديث، أعرف وأخبر بحال شُعْبَةَ ممن يخالف حكمه ذا، ولِشُعْبَةَ فِي نفسه مكانةٌ سامقةٌ فوق مكانته فِي نفس الشوكانِيِّ، فهو الذى زكَّاه ومدحه وصدق فيه القول: ((كَانَ شُعْبَةُ بَصِيرَاً بِالْحَدِيثِ جِدَّاً، فَهِمَاً لَهُ، كَأَنَّهُ خُلِقَ لِهَذَا الشَّأْنِ)).

وثَمَّةُ أَمْرٍ آخر: أن الحكم على شُعْبَةَ بالوهم، هو كالحكم على مالك بن أنس، وابن عيينة، ومعمر وغيرهم من أهل الضبط والتيقظ بالوهم والخطأ فيما خالفوا فيه غيرهم من الثقات، وحكم أئِمَّةِ المحدِّثين على أحاديثهم تلك بالشذوذ أوالعلَّة. فَمَنْ ذَا الَّذِى عَرِى عَنْ الْخَطَأ، والْوَهْمِ، والنِّسْيَانِ!.

قال الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِِيُّ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يقول: ((مَنْ قَالَ إِنِّي لا أُخْطِئُ فِي الْحَدِيثِ، فَهُو كَذَّابٌ)).

وثَمَّةُ أَمْرٍ آخر: أنَّ أبَا بَكْرِ بْنَ خُزَيْمَةَ عقَّب على حديث شُعْبَةَ المختصر بذكر الحديث المستقصى، وبوَّب عليه بقوله فِي ((صحيحه)) (1/ 19):

باب ذكر الخبر المتقصى للفظة المختصرة التي ذكرتها – يعني حديث شعبة -، والدليل على أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما أعلم أن ((لا وُضُوءَ إِلا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ)) عند مسألة سئل عنها: فِي الرجل يخيَّل إليه أنَّه قد خرجت منه ريح، فيشك في خروج الريح!، وكانت هذه المقالة عنه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لا وُضُوءَ إِلا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ)) جواباً عما عنه سئل فقط، لا ابتداء كلام، مسقطا بهذه المسألة إيجاب الوضوء من غير الصوت أو الرائحة، إذ لو كان هذا القول منه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابتداءاً من غير أن تتقدمه مسألة، كانت هذه المقالة تنفي إيجاب الوضوء من البول والنوم والمذي، إذ قد يكون البول لا صوت له ولا ريح، وكذلك النوم والمذي لا صوت لهما ولا ريح، وكذلك الودي.

وثمَّة أمر آخر فيه البيان: أنَّ شعبة ربما اختصر أحاديثاً أتمها غيره وجوَّد متونها. ويأتيك بتوفيق الله وعونه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير