تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد عرفنا من قبل أن الضاد التي ننطقها اليوم في مصر، هي المقابل المطبق أو المفخم للدال، فالدال صوت ينطق بنفس الطريقة التي ينطق بها صوت الضاد، مع فارق واحد، وهو أن مؤخرة اللسان ترتفع قليلاً في اتجاه الطبق عند نطق الضاد، ولا يحدث مثل ذلك مع الدال. أما الضاد القديمة، فلا يقابلها شئ من الأصوات؛ إذ يقول سيبويه (2: 406/ 23): (ولولا الإطباق. . لخرجت الضاد من الكلام؛ لأنه ليس شئ من موضعها غيرها).

[/ SIZE]

وعلى هذا فالضاد التي ننطقها اليوم، ليست هي الضاد

القديمة التي كانت عند العرب القدماء، وإنما هي تطور عنها

ولنسمع في هذه الضاد القديمة آراء بعض العلماء:

يقول المستشرق (شاده) "" عن سيبويه إنه (عدّ من الرخوة حرفاً خرج منها بعده في كثير من اللهجات العربية وهو الضاد، فإنها ليست الآن من الرخوة إلا من لفظ من قال: ضرب مثلاً بضاد جانبية المخرج،

وأما في النطق المعتاد في مصر، يعني بضاد مقدمة المخرج، فقد لحقت فيه الشديدة)

ويقول المستشرق (برجشتراسر) "": (أما الضاد فهي الآن شديدة عند أكثر أهل المدن، وهي رخوة (عند القدماء) كما هي الآن عند أكثر البدو، ومع ذلك فليس لفظها البدوي الحاضر نفس لفظها العتيق؛ لأن مخرج الضاد (عند القدماء) من حافة اللسان. ومن القدماء من يقول: من جانبه الأيسر، ومنهم من يقول: من الأيمن، ومنهم من يقول: من كليهما؛ فمخرجها قريب من مخرج اللام من بعض الوجوه.

والفرق بينهما هو: أن الضاد من الحروف المطبقة كالصاد وأنها من ذوات الدويّ، واللام غير مطبقة صوتية محضة؛ فالضاد العتيقة حرف غريب جداً غير موجود _ حسبما أعرف _ في لغة من اللغات إلا العربية، ولذلك كانوا يكنون عن العرب بالناطقين بالضاد. ويغلب على ظني أن النطق العتيق للضاد لا يوجد الآن عند أحد من العرب، غير أن للضاد نطقاً قريباً منه جداً عند أهل حضرموت، وهو كاللام المطبقة. ويظهر أن الأندلسيين كانوا ينطقون الضاد مثل ذلك؛ ولذلك استبدلها الأسبان بصوت ID في الكلمات العربية المستعارة في لغتهم، مثال ذلك أن كلمة (القاضي) صارت في الأسبانية: alcaide ومما يدل أيضاً على أن الضاد كانت في نطقها قريبة من اللام أن الزمخشريّ ذكر في كتابه (المفصل) أن بعض العرب تقول: (الطجع) بدل: (اضطجع). ونشأ نطق الضاد عند البدو من نطقها العتيق بتغيير مخرجها من حافة اللسان إلى طرفه.

ونطقها عند أهل المدن نشأ من هذا النطق البدوي؛ بإعماد طرف اللسان على الفك الأعلى، بدل تقريبه منه فقط، فصار الحرف بذلك في نطقه شديداً، بعد أن كان رخواً.

ويرى (كانتينو) "": أن (النطق القديم كان ((ظْ لْ)) أي ظاء ذات زائدة انحرافية، أي بتقريب طرف اللسان من الثنايا، كما في النطق بالظاء، وبأن يجري النفس لا من طرف اللسان، بل ومن جانبيه أيضاً).

كما يقول المستشرق (هنري فليش) "": (ولقد كان العرب يتباهون بنطقهم الخاص لصوت الضاد، وهو عبارة عن صوت مفخم، يحتمل أنه كان ظاء جانبية، أي أنه كان يجمع الظاء واللام في ظاهرة واحدة. وقد اختفى هذا الصوت، فلم يعد يسمع في العالم العربي، وأصبح بصفة عامة صوتاً انفجاريا، هو مطبق الدال، وإما صوتاً أسنانياً هو الظاء).

وأخيراً يرى الدكتور إبراهيم أنيس"" أنه (يستدل من وصف القدماء لهذا الصوت على أن الضاد كما وصفها الخليل ومنْ نَحَوْ نَحْوَه، تخالف تلك الضاد التي ننطق بها الآن فالضاد الأصلية: كما وصفت في كتب القراءات، أقل شدة مما ننطق بها الآن، إذ معها ينفصل العضوان المكونان للنطق انفصالاً بطيئاً نسبياً، ترتب عليه أن حل محل الإنفجار الفجائي انفجار بطئ، نلحظ معه مرحلة انتقال بين هذا النوع من الأصوات وما يليه من صوت لين، فإذا نطق بالضاد القديمة وقد وليتها فتحة مثلاً، أحسسنا بمرحلة انتقال بين الصوتين، تميز فيها كل منهما تميزاً كاملاً. هذا إلى أن الضاد، كما وصفها القدماء، كانت تتكون بمرور الهواء بالحنجرة، فيحرك الوترين الصوتيين، ثم يتخذ مجراه في الحلق والفم، غير أن مجراه في الفم جانبي ـ عن يسار الفم عند أكثر الرواة، أو عن يمينه عند بعضهم، أو من كلا الجانبين، كما يستفاد من كلام سيبويه. . . والذي نستطيع تأكيده هنا، هو

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير