تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن الضاد القديمة قد أصابها بعض التطور حتى صارت إلى ما نعهده لها من نطق في مصر. . ولا يزال العراقيون حتى الآن وبعض البدو ينطقون بنوع من الضاد يشبه إلى حدّ ما الظاء كما يشبه إلى حد كبير ذلك الوصف الذي رويّ لنا عن الضاد القديمة. والذين مارسوا التعليم في بلاد العراق يذكرون كيف يخلط التلاميذ هناك بين الظاء والضاد. والضاد القديمة ـ كما أتخيلها ـ يمكن النطق بها بأن يبدأ المرء بالضاد الحديثة ثم ينهي نطقه بالظاء، فهي إذن مرحلة وسطى، فيها شئ من شدة الضاد الحديثة، وشئ من رخاوة الظاء العربية؛ ولذلك يعدها القدماء من الأصوات الرخوة).

هذه هي بعض الآراء التي قيلت في الضاد العربية القديمة. ويبدو من وصف القدماء لها، ومن تطورها في بعض اللهجات واللغات، أنها كانت لاماً مطبقة، كما يقول برجشتراسر، كما يبدو أنه كان فيها بعض الشبه بالظاء والضاد الحديثة، وإلا ما تطورت في اتجاه كل واحد من هذين الصوتين في اللهجات العربية الحديثة.

أما ما ذهب إليه الدكتور كمال بشر"" من احتمال أن يكون القدماء قد (وصفوا الضاد المولدة، لا الضاد العربية الأصلية)، وترجيحه هذا الاحتمال بقوله: (ربما لكثرة استعمال هذا الصوت وشيوعه على الألسنة عند قيام حركة التأليف اللغوي) ـ فقد بنى مذهبه هذا على نص مُصَحَفْ في الترجمة العربية لكتاب (العربية) للمستشرق يوهان فك (ص 102/ 9) وهو (كما يتعلق بهذا أيضاً تغيير حرف الضاد، وهذا الصوت الذي هو في أصله الحرف المطبق القسيم للدال، خاص بالعربية). هذا النص يفهم منه أن الضاد في الأصل هي النظير المفخم للدال، أي أنها حينئذ ـ كما يقول الدكتور بشر (كانت تشبه ضادنا الحالية أو هي هي). غير أن الترجمة العربية بها تصحيف في هذا الموضع للأسف، كما في الأصل الألماني ( Arabiya,S.58,35 ) : ( الحرف المطبق القسيم للذال). وقد حدث مثل هذا التصحيف مرة أخرى في الترجمة العربية (103/ 2): (كالدال المفخمة). وصوابه كما في الأصل الألماني Arabiya,S.58,35 )) ( كالذال المفخمة).

وإذا نظرنا إلى اللغات السامية، وجدنا أن الضاد العربية تقابل صاداً في اللغة الأكادية والأوجاريتية والعبرية؛ فكلمة (أرض) في العربية، تقابل كلمة ersetu في الأكادية، وكلمة ars في الأوجاريتية، وكلمة eres في العبرية. كما تقابل الضاد غيناً في السريانية مثل ar a بمعنى (أرض) كذلك. ولم تبق ضاداً إلا في العربية الشمالية والعربية الجنوبية (السبئية والمعينية) والحبشية، مثل كلمة rd في العربية الجنوبية بمعنى (أرض) كذلك "". وكلمة: dahny بمعنى (الشمس ـ الضحى) في الحبشية "".

وتقول (مارية هنفر ""): إن هذه الضاد احتكاكية في الحبشة، ولابد أنها كانت كذلك في العربية الجنوبية. والدليل على صحة ذلك ورود بعض الكلمات التي كتبت بالضاد في بعض النقوش، وبالزاي في بعضها الآخر، فلو كانت هذه الضاد انفجارية، لما التبست على الكاتب إطلاقاً، فدلت كتابته إياها بصورة الزاي على أنها كانت احتكاكية.

وإذا كانت الضاد بهذه الصورة توجد في بعض اللغات السامية كما رأينا، كان من التجوز قول ابن جني: (واعلم أن الضاد للعرب خاصة، ولا يوجد من كلام العجم إلا في القليل "").

أما السر في إطلاق (لغة الضاد) على اللغة العربية، فإنه يكمن لي أن هذه الضاد كانت مشكلة عويصة بالنسبة لمن يريد أن يتعلم العربية من الأعاجم. ويقول الدكتور إبراهيم أنيس: (يظهر أن الضاد القديمة كانت عصية النطق على أهالي الأقطار التي فتحها العرب، أو حتى على بعض القبائل العربية في شبه الجزيرة، مما يفسر تلك التسمية القديمة ((لغة الضاد)) كما يظهر أن النطق القديم بالضاد، كان إحدى خصائص لهجة قريش "")

ويقول ابن الجزري "": ((والضاد انفرد بالاستطالة، وليس في الحروف ما يعسر على اللسان مثله، فإن ألسنة الناس فيه مختلفة، وقل من يحسنه، فمنهم من يخرجه ظاء، ومنهم من يمزجه بالذال، ومنهم من يجعله لاماً مفخمة، ومنهم من يشمه الزاي. كل ذلك لا يجوز)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير