تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - إذا نزل العذاب، قال الله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} [23].

3 - إذا طلعت الشمس من مغربها، قال الله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} [24]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من تاب من قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه " رواه مسلم من حديث أبي هريرة [25].

وهذه صلاة تشرع في جميع الأوقات بما في ذلك أوقات النهي، لأنها من ذوات الأسباب التي تشرع عند وجود سببها [26].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ذوات الأسباب كلها تفوت إذا أخرت عن وقت النهي، مثل سجود التلاوة، وتحية المسجد، وصلاة الكسوف، ومثل الصلاة عقب الطهارة، كما في حديث بلال، وكذلك صلاة الاستخارة، إذا كان الذي يستخير له يفوت إذا أخرت الصلاة، وكذلك صلاة التوبة، فإذا أذنب فالتوبة واجبة على الفور، وهو مندوب إلى أن يصلي ركعتين، ثم يتوب، كما في حديث أبي بكر الصديق" [27].

المبحث الثالث: محل صلاة التوبة

اختلف أهل العلم في صلاة التوبة هل تؤدى قبل التوبة أو بعدها، على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن المشروع أن يصلي قبل التوبة، لا بعدها، لحديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه-[28].

القول الثاني: أنها تصلى بعد التوبة [29].

القول الثالث: أنها تصلى قبل التوبة أو بعدها [30]، فإن شاء صلاها قبل التوبة وإن شاء صلاها بعدها [31].

الترجيح:

والراجح من هذه الأقوال هو القول الأول، لقوة دليله، ولأن القولين الآخرين لا يعضدهما دليل من كتاب ولا سنة، فحديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه- صريح في أن هذه الصلاة تؤدى قبل التوبة، لا بعدها، حيث ذكرت فيه الصلاة ثم عطف عليها الاستغفار، الذي هو توبة [32]، أو جزء من التوبة [33] بحرف "ثم " الذي يدل على الترتيب [34].

هذا كله فيما يتعلق بالتوبة باللسان، وهي المرادة هنا عند الإطلاق، والتي هي مناجاة العبد ربه بإعلان الندم على فعل المعصية، والعزم على عدم العودة إليها، وطلب مغفرة الذنب الذي ارتكبه. أما الندم بالقلب والذي هو في حد ذاته توبة [35]، أو ركنها الأعظم [36]، لحديث: "الندم توبة" [37]، فإنه يكون قبل الصلاة وبعدها، لأن المسلم لن يعزم على صلاة التوبة إلا وقد ندم قلبه على فعل المعصية، وعزم على الإقلاع عنها، ولا يعتبر استغفاره بعد هذه الصلاة توبة إلا إذا صحبه ندم القلب، وإلا كانت توبته غير صادقة [38].

المبحث الرابع: صفة صلاة التوبة

صلاة التوبة صلاة نافلة [39] يتعين لها جميع الشروط اللازمة لصلاة النافلة، ويجب فيها من الأركان والواجبات ما يجب في صلاة النافلة.

وهي ركعتان، كما في حديث أبي بكر الصديق- رضي الله عنه-[40].

ويشرع للتائب أن يصليها منفرداً، لأنها من النوافل التي لا تشرع لها صلاة الجماعة [41]، ويندب لها بعدها أن يستغفر الله تعالى، لحديث أبي بكر- رضي الله عنه-[42].

وقال الغزالي عند كلامه على الأمور التي إذا أتبع بها الذنب كان العفو عنه مرجوا، قال: " أن تصلي عقيب الذنب ركعتين ثم تستغفر الله تعالى بعدهما سبعين مرة، وتقول: سبحان الله العظيم وبحمده مائة مرة، ثم تتصدق بصدقة، ثم تصوم يوماً" [43].

وهذا القول فيه نظر، فأصل مشروعية الاستغفار، وذكر الله تعالى والذي يشمل التسبيح والتحميد ثابت في هذا الموضع بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [44]، وإن كان قد اختلف في المراد بقوله تعالى في هذه الآية {ذَكَرُوا اللَّهَ}، فقيل: المراد ذكروا وعيد الله على ما فعلوا من معصيتهم إياه، وتذكروا عقابه، وقيل: المراد ذكروا الله باللسان [45]، وقيل: المراد: الصلاة [46].

وقد يقال: إن لفظ الآية يعم هذه الأمور كلها [47].

وكذلك الصدقة يدل على مشروعيتها في هذا الموضع عموم قول الله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} [48].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير