1 - تعامله مع المسألة تصورا لها وتقديرا للأقوال الواردة فيها
2 - منهج الاستدلال عنده
3 - وقوعه في مغالطات في عدة استدلالات
هذه هي النقاط مجملة وإليك التفصيل:
أولا: حول تعامله مع المسألة:
كل من يقرأ الكتاب يعلم أن الرجل عند تعامله مع المسألة لا ينطلق في كثير من المواطن من منطلق علمي، وإنما من منطلق آخر، فالرجل من خلال كتابات له قديمة، وهذا الكتاب أيضا في مواطن منه، يلمس القارئ أنه على درجة من الفهم والإدراك، وعندما يخرج عن هذا الطور في مسألة ما ويتكلم بالكلام الذي لا معنى له والذي لا يصدر ممن يفهم، تعلم أن ثمة مؤثراً تسبب في هذا الخروج.
فانظر إليه وهو يتكلم عن قول مخالفيه في أول كلمات له في ذلك حيث قال ص (8):
"فقد قال قائل: (حالق اللحية فاسق)
قلت: كيف أفسق مسلما بغير حجة من الله ورسوله، مسلما يقف إلى جانبي في صف الصلاة، وحبه لدينه وانتصاره له مما ينافس فيه ...
وحيث حكم بفسقه قال: (لا تصح إمامته، ولا يقبل قوله، وترد شهادته)
فقلت ماذا لو كان أقرأ الحاضرين لكتاب الله؟ والنبي?يقول: "يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله " ...
ومن يزعم أن حالق اللحية لا تصح صلاته لنفسه فإنه يزعم الباطل، ويفتري على دين الله الكذب"ا. هـ
هذا أول موطن يتعرض فيه للمسالة في كتابه، والحقيقة أن هذا الكلام لا يلجأ إليه إلا سيء فهم وإنما اعتدنا أمثاله من الجهال، لا من الجديع وأمثاله المشتغلين بالعلم.
ما علاقة أنه يصلي إلى جانبك بالمسألة، وما علاقة حبه للدين وانتصاره له؟.
ما تأثير هذه الأوصاف على المسألة؟! وما الداعي لها؟.
أليس من المعروف أن كل مسلم يحب الله ورسوله ودينه و إن كان فاسقا؟
ألم يشهد النبي ? لشارب الخمر بذلك؟
ومن الذي قال عن الحليق بأنه (لا تصح إمامته)؟
ألا يفرق الجديع بين قولهم: لا تجوز إمامته، وبين قولهم: لا تصح.
وما علاقة كونه أقرأ القوم بجواز إمامته؟!
ألا يعلم الجديع أن الباعث للقول بعدم جواز إمامته أمر آخر اتفق أهل العلم على اعتباره في الإمامة، لا علاقة له بالقراءة، ألا وهو تجنبه للمعاصي في الظاهر وسلامته من البدع؟.
أيزعم الجديع أن الوصف التام المؤثر لوحده في أحقية الإمامة هو القراءة فقط؟
إذا فما معنى قوله? عن صاحب البدعة: " فليس منى"؟! وما معنى لعنه لمن يؤويه؟! ونحو هذا مما جاء في السنة؟.
أيعقل أن نقدم من كان هذا حاله في مواطن التكريم والتشريف والقدوة ليكون ضامنا للناس وجنة (6) في عبادتهم لربهم؟! فنجعله إماما يقتدى به؟.
هو غير مضمون في دينه فكيف يكون ضامنا؟!!.
لقد كان على الجديع ألا يتعرض إلا للأقوال المعتبرة التي تصدر عن أهل العلم، أما القول بعدم صحة إمامة الحليق، أو عدم صحة صلاته فليس بمعتبر، ولا يقول به عامة القائلين بحرمة الحلق المفسقين لمن دأب على ذلك، فلم التشويش بهذا على العلم وأهله؟.
والغريب أن الجديع تابع قائلا:
"وليس العجب في ورود مثل هذا الخلل من بعض عامة المسلمين، ولا بعض المنتسبين لطلب العلوم الدينية ...
وإنما العجب أن يصدر مثل هذا الرأي من مشتغل بالعلم منتسب إليه، متصد للفتوى وبيان شرائع الإسلام، فتتوالى وتتواطأ الكتب والرسائل، تأتي جميعا في سياق التهويل والتعظيم، موردة على المسلمين الحرج، خارجة في أكثر الأحيان عن منهج البحث، ومهملة قواعد النظر، ومتعدية أدب الفكر.
ينطلق الكاتب فيها من فكرة مسلمة لديه، بل لو قلت: من عين الحقيقة عنده لم تباعد، فيأتي بحثه دفاعا عن الفكرة لا طريقا لاستفادة الحكم " (7) ا. هـ
فليسم لنا الأستاذ من من العلماء كتب وألف على أن الحليق لا تصح صلاته لنفسه؟ بل ليسم لنا العلماء الذين زعم أنهم تواطؤوا على هذا؟
ثم ما هذا التهجم على أصحاب الفتوى من أهل العلم، وما هذه الأوصاف التي ألصقها بهم.
تهويل وتعظيم، إيراد الحرج على المسلمين، خروج عن منهج البحث، إهمال لقواعد النظر، تعدي لأدب الفكر.
فما لذي بقي لهم؟!
ثم يتابع الجديع بعد طعنه هذا مباشرة منزها نفسه ومبرئا لها من هذه النقائص التي ألحقها بأصحاب الفتوى المتصدين لها فيقول كما في ص (9):
" لذا من المقصود لي أصالة بمثل هذا الكتاب:
الإيقاف على الحكم الشرعي وقدره في الأحكام، دون المبالغة ولا التجاوز، منطلقا من مسلمات الأصول، متجردا لما تقود إليه خلاصة البحث.
¥