تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[[الاختلاف رحمة] مقال جميل للشيخ عبدالسلام العييري ـ وفقه الله ـ]

ـ[أبو عبدالله الشرقي]ــــــــ[18 - 02 - 06, 02:14 ص]ـ

الاختلاف رحمة

الشيخ عبدالسلام العييري

لما انتشر العلم في الكتب و الأشرطة و الإذاعات و الصحف والقنوات كثرت الأقوال الفقهية و بدأ الناس يسمعون أقوالاً علمية لم يسمعوها من قبل.

ونحن بإزاء هذا الطرح في ذكر الخلاف لابد أن نقف عدة وقفات:

1. أن الخلاف و الاختلاف من طبيعة البشر فكلٌ له رأي و عقل وتفكير و لم تحجر الشريعة على كل خلاف.

بل من الخلاف ماهو رحمة أما حديث اختلاف أمتي رحمة فهو ضعيف.

2. الخلاف على نوعين:

· سائغ و مقبول مثل / اختلاف العلماء في مسائل الفقه.

· غير مقبول بمعنى أن المخالف لايتابع و أنه مذموم و انه يرد عليه و هذا هو الخلاف في العقيدة مثل / من قال أن الملائكة أشياء معنوية لا حسية.

3. أنه من الخطأ أن يبدأ المتعلم أو الملقي بالخلاف بل عليه أن يقول الحكم كذا الدليل قول الله و قول الرسول و قول الصحابة ثم هذا مذهب أحمد أو مالك ...

4. أن في الشريعة أحكاماً كثيرة متفقاً عليها و مجمعاً عليها فالأولى بالمتكلم أن يعرف الإجماع ويذكرة ثم يذكرالخلاف.

5. أن الخلاف لا يذكر إلا المسائل القوية كقراءة الفاتحة خلف الإمام , و زكاة الحلي أو يذكر في الدروس العلمية المتخصصة لأنها محل التفصيل و النقاش.

6. أن المخالف إذا كان مجتهداً وهو أهل للفتيا والإجتهاد ثم أصاب فله أجران و إن أخطأ فله أجر واحد وهذا في حق المفتي و القاضي فقط و ليس في كل من تُسول له نفسه أن يتكلم في مسائل الدين فبعض الصحفيين لا يعرف أصول العلم و يبدأ يخبط في كل واد.

7. أن الشريعة فيها مسائل و فيها خلاف و الدليل يحتمل هذا القول و هذا القول وكلٌ له وجهة نظر أما ذكر أسباب الاختلاف بين العلماء من الأئمة الأربعة مع أن الله واحد و الرسول واحد و الدين واحد.

8. أن وجود الخلاف في المسألة لا يسوغ للإنسان أن يأخذ بأي قول كيفما اتفق أو يبدأ ينتفي كل الرخص و التساهيل و الزلات فيعمل بها.

الأسباب المؤدية إلى الاختلاف

1.اختلافهم في صحة الحديث و ضعفه مثل حديث (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه).

2. تفاوت العلماء بالإطلاع على الأقوال فكلما اطلع العالم و سافر و تلقى كان أبصر بأقوال المذاهب الأخرى , وأيضاً تفاوت العلماء بالحفظ فربما تكون مبناها على آية أو حديث قد نسيها العالم فيخالف لأنه نسي و ليس من شرط العالم و المفتي أن يحيط بجميع الأقوال و الأدلة و الخلافات بل فيه قدر مشترك عند العلماء.

من الأمثلة

ماجاء في الصحيحين أن أبا موسى أستأذن على عمر وهو خليفة فلم يؤذن له فذهب فاستدعاه عمر وكان مشغولاً عنه وقال ماحملك على أن ذهبت قال حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم [الإستذان ... ] فقال ائتني بشاهد أو العصا في ظهرك ... .

3.أن يفهم كل عالم من الكلمة أو الجملة شيئاً خلاف العالم الآخر.

مثل [أو لامستم النساء] الأية

اختلف العلماء هل المراد بالمس اللمس باليد حيث يوجب الوضوء أو المراد الجماع الذي يوجب الغسل الثاني هو قول أكثر العلماء وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما فبناءاً عليه من مسَ زوجته بيده أو قبلها و لم يخرج منه مذي فإن وضوءه صحيح لم ينقض.

ومثل كلمة القرء [والمطلقات يتربصن بأنفسهن .. الأية]

هل المراد الحيض أو الأطهار التي بعد الحيضة الثالثة على قولين بناءاً على الخلاف في هذه الكلمة.

4. أن يبلغ الدليل للعالم لكن لايطمئن إليه أو لايثق بناقله فعمر لم يقبل قول فاطمة بنت قيس أنها لما طلقت آخر طلقة لم يجعل لها نفقة ولاسكنى إلا أن تكون حاملاً لقوله تعالى [وإن كن أولات حمل .. الأية].

5. عدم بلوغ الدليل للعالم مثل عدم علم عمر بحديث الطاعون و الإستئذان أو لم يبلغه النسخ مثل عدم عمل بعض الصحابة بأحاديث ناسخة لعدم علمهم بها كابن مسعود رضي الله عنه يعمل بالتطبيق وعدم علم أبي هريرة بأن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم وهو جنب ثم يغتسل بعد الأذان وعمر كان لايرى التوقيت في المسح على الخفين.

6. التعارض بين النصوص ظاهراً من أسباب الخلاف فمن كان ضعيفاً في تتبع صحة الدليل أو طرق الجمع أو قوانين الترجيح فإنه لايفك التعارض وهذا الباب واسع أصولي حديثي فقهي وله أمثلة (الشرب واقفاً , نكاح المحرم , صلاة الضحى ... وغيرها)

7. إختلاف العلماء في الفعل الصادر من الرسول صلى الله عليه و سلم هل هو للإباحة أو التشريع مثل النزول بالأبطح ومثل دخول النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحرم هل هو مستحب أو حصل إتفاقاً , فذهب ابن عمررضي الله عنه و ابو هريرة رضي الله عنه إلى أن النزول بالأبطح سنة و ذهبت عائشة رضي الله عنها و ابن عباس رضي الله عنهما إلى أنه حصل إتفاقاً وابن عباس رضي الله عنهما يرى أن الرمل حصل لعارض زال بزواله و الجمهور على خلافه.

8. إختلافهم في النسخ هل هو حاصل في بعض الأدلة أم لا و إختلافهم في التخصيص و التقييد.

9. أن ينسى العالم الدليل و النسيان وارد وهو من النعم أحياناً وعند علماء الإصطلاح من حدّث ونسي وقد نسي عمر رضي الله عنه قصة التيمم.

ي. أن يفهم كل عالم الكلمة أو الفعل خلاف الآخر مثل / [أو لامستم النساء]

الصواب بأنه الجماع وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما.

ومثل / القرء وحديث لايصلين أحدكم العصر ... فالصواب مع من صلى في وقتها لأدلة المواقيت الأخرى.

10. الخلاف في مسائل أصولية حديثية ينبني عليها حكم أو أحكام مثل الخلاف في المرسل , القياس , الاستصحاب شرع من قبلنا , العرف , المصالح , الإستحسان , قول الصحابي , القراءة الشاذة.

موقع الشيخ عبدالسلام العييري

رابط الصفحة: www.abdslam.com/mg/articles.php?id=32

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير