تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ووجه ذلك أن الوتر إنما تختم به صلاة الليل. وصلاة الليل قد انتهت، فيقضي الإنسان ورده الذي كان يصليه في الليل ولا يوتر؛ لأن زمن الوتر انقضى.

وإذا كان يظن أن لا يقوم من آخر الليل فأوتر في أوله، ثم قدر له القيام من آخر الليل فقام فماذا يصنع؟

قال بعض العلماء: إنه ينقض وتره الأول فيصلي أول ما يصلي إذا استقيظ ركعة واحدة، لتكون مع الركعة التي في أول الليل شفعاً، ثم يصلي ركعتين ركعتين، ثم يوتر بواحدة، ويسمى هذا عند أهل العلم نقض الوتر، ولكن هذا القول ضعيف جداً؛ لأنه لا يمكن أن تبنى ركعة على الأخرى وبينهما هذه المدة الطويلة أو النوم أيضاً.

والقول الصحيح إنه إذا أوتر في أول الليل ثم قدر له أن يقوم في آخره فإنه يصلي ركعتين ركعتين حتى يطلع الفجر.

فإن قلت: هذا ينافي قول النبي صلى الله عليه وسلم (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) (4).

فالجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لا تصلوا بعد الوتر، فلو قال " لا تصلوا بعد الوتر " ما صلينا، ولكن قال: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً).

وهذا الرجل حين أوتر من أول الليل يعتقد أن هذا آخر صلاة الليل فقد امتثل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم لكن قدر له أن يصلي فصلى، ولذلك لو أوترت ثم أتيت المسجد فإنك تصلي تحية المسجد ولا ينافي هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) لأن هناك فرقاً بين العبارتين، وهناك فرق بين أن يقول لا تصلوا بعد الوتر وبين أن يقول: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً).

ولا يجب أن يقرأ الناس في الوتر بـ {سَبِّح} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ولكن يقرأ ما تيسر، ولكن صحيح أن {سَبِّح} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} أفضل من غيرهما في هذه الصلاة، كما أن سبح والغاشية في صلاة الجمعة أفضل من غيرهما، والجمعة والمنافقون في صلاة الجمعة أفضل من غيرهما، لكن يجوز أن تقرأ بما تيسر كل القرآن، يمكن أن يقرأ في أي صلاة {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآن} [المزمل: 20]، لو قرأ في الوتر غير سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فلا بأس؛ لأن قراءة الإخلاص ما هي إلا من باب السنية لا للوجوب.

أيضاً يوجد بعض الأئمة يتركون القنوت في الوتر عمداً، وهذا أيضاً من فقههم ليبينوا للعامة أن القنوت في الوتر ليس بواجب؛ لأن التبيين بالفعل أبلغ من التبيين بالقول.

فإذا بين الإمام للناس مثل هذه الأمور بالفعل حصل في هذا خير كثير ومعرفة لشرع الله.

وعلى هذا نقول: يجوز للإنسان في صلاة الوتر أن يقرأ (بسبح) و (الكافرون) و (الإخلاص) وأن يقرأ بغيرهما ولا حرج عليهم في ذلك.

ويجوز أيضاً أن يترك القنوت في الوتر، بل ذلك أولى من أجل أن يبين للناس أن القنوت ليس بواجب.

كيف يكون الوتر إذا أوتر الإنسان بثلاث؟

يكون على وجهين:

الوجه الأول: أن يسلم من الركعتين الأوليين، ثم يأتي بالثالثة وحدها.

الوجه الثاني: أن يسرد الثلاث جميعاً بتشهد واحد، وهذا هو ظاهر حديث عائشة رضي الله عنها حيث قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً) (5). فظاهر قولها يصلي ثلاثاً أنه يسردها.

ولا يصلي الثلاث بتشهدين؛ لأنه لو فعل ذلك لكانت شبيهة بصلاة المغرب، وقد نهى أن تشبه صلاة الوتر بصلاة المغرب.

فإذا أوتر بخمس ففي حديث عائشة تقول: (يصلي أربعاً) فهل يسردها؟ فهم بعض الناس أن المعنى أنه يسردها، فصار يسرد اربعاً بسلام واحد وتشهد واحد، ثم يصلي أربعاً بتشهد واحد وسلام واحد، ثم يصلي ثلاثاً بتشهد واحد وسلام واحد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير