تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

روى الطبري عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال ثنا يزيد بن زريع، قال ثنا داود، عن الشعبي أن وثنا كان في الجاهلية على الصفا يسمى إسافا، ووثنا على المروة يسمى نائلة، فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بالبيت مسحوا الوثنين، فلما جاء الإسلام، وكسرت الأوثان قال المسلمون إن الصفا والمروة إنما كان يطاف بهما من أجل الوثنين، وليس الطواف بهما من الشعائر)) (2).

عن عروة قال: سألت عائشة رضي الله عنها فقلت لها: أرأيت قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائر اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فو الله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة، قالت: بئس ما قلت يا ابن أختي، إن هذه لو كانت كما أولتها عليه كانت لا جناح عليه أن لا يتطوف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلل فكان من أهل يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة فلما أسلموا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك قالوا يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائر اللّهِ ... } الآية، قالت عائشة رضي الله عنها: وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن فقال إن هذا لعلم ما كنت سمعته ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يذكرون أن الناس إلا من ذكرت عائشة ممن كان يهل بمناة كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة فلما ذكر الله تعالى الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن قالوا يا رسول الله كنا نطوف بالصفا والمروة وإن الله أنزل الطواف بالبيت فلم يذكر الصفا فهل علينا من حرج أن نطوف بالصفا والمروة فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائر اللّهِ ... } الآية، قال أبو بكر فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما في الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا بالجاهلية بالصفا والمروة والذين يطوفون ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام من أجل أن الله تعالى أمر بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا حتى ذكر ذلك بعد ما ذكر الطواف بالبيت (1).

سبب نزول الآية:

وذكر أن قوماً من الصحابة قالوا: يا رسول الله لا نطوف بين الصفا والمروة، فإنه شرك كنّا نصنعه في الجاهلية، ولما جاء الإسلام وكسرت الأصنام، كره المسلمون الطواف بينهما، لأجل الصنمين، فانزل الله في كتابه الكريم: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا}. وذلك لنفي فكرة أنه شرك من جهة، ولإعلان أن الصفا والمروة من شعائر الله من جهة أخرى.

قال ابن عباس: كراهية المؤمنين للطواف بين الصفا والمروة من قبل الصنمين اللذين كانا عليهما (2).

عن عاصم الأحول قال: قلت لأنس بن مالك أكنتم تكرهون الطواف بين الصفا والمروة حتى نزلت الآية، قال: نعم كنا نكره الطواف بينهما، لأنهما من شعائر الجاهلية، حتى نزلت هذه الآية: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائر اللّهِ} (1).

فظاهر هذه الآية هو رفع الإثم، ونفي الحرمة، عمّن يسعى بين الصفا والمروة، وأن السعي سائغ وليس فيه حرمة.

روى الطبري عن عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدثني أبو الحسين المعلم قال ثنا سنان أبو معاوية عن جابر الجعفي عن عمرو بن حبشي، قال: قلت لابن عمر: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما}، قال: انطلق إلى ابن عباس فاسأله، فإنه أعلم من بقي بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، فأتيته فسألته، فقال: إنه كان عندهما أصنام، فلما حرمن أمسكوا عن الطواف بينهما، حتى أنزلت: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا}.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير