وروى أيضاً عن عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن بن عباس قوله إن الصفا والمروة من شعائر الله وذلك أن ناسا كانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة فأخبر الله أنهما من شعائره والطواف بينهما أحب إليه فمضت السنة بالطواف بينهما (2).
وروى أيضاً عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إنما كان من أهل بمناة الطاغية التي بالمشلل لا يطوفون بين الصفا والمروة فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ}. فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلموالمسلمون، قال سفيان: مناة بالمشلل من قديد، وقال عبد الرحمن بن خالد، عن ابن شهاب، قال عروة: قالت عائشة: نزلت في الأنصار كانوا هم وغسان قبل أن يسلموا يهلون لمناة مثله، وقال معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها: كان رجال من الأنصار ممن كان يهل لمناة، ومناة صنم بين مكة والمدينة، قالوا: يا نبي الله كنا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيماً لمناة نحوه (1).
واختلف المفسرون في وقت نزول الآية, ويبدو أن الأرجح إنها نزلت في حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة، ففي هذه السنة كانت مكة خالية من الأصنام، وكانت كراهة المسلمين السعي بين الصفا والمروة بسبب السوابق التاريخية لهذين المكانين حيث انتصب فيهما اساف ونائلة.
السعي بين الصفا والمروة من مناسك الحج:
إذن فالسعي بين الصفا والمروة يعد من مناسك الحج، وطواف الحجاج بهما قدر طوافهم بالكعبة، أي سبعة أشواط، وكانت قريش تسعى بينهما. وكان بعض العرب لا يسعى بينهما.
ويتضح من الأخبار أن الذين كانوا يطوفون بالصنمين ويسعون بينهما هم قريش خاصة: لأنها كانت تعبد الصنمين، وليس كل من كان يحج من العرب، وقد استبدل الإسلام الطواف بالسعي بين الموضعين، وذكر أنّ السعي بين الصفا والمروة من شعائر الله القديمة من عهد إبراهيم عليه السلام.
وقد كان إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام قد أسكن إسماعيل وأمه هاجر مكة، وهي أرض قفر، لا زرع فيها ولا ماء، ولا حتى بشر.
أول من سعى بين الصفا والمروة (قصة السعي):
فكانت هاجر أم إسماعيل عليه السلام أول من سعى بين الصفا والمروة (1).
تعريف الصفا والمروة:
الصفا: جمع صفاة، وهو الحجر العريض الأملس، أو الصخرة الملساء القوية المختلطة بالحصى والرمل، وهو: جبل صغير يبدأ منه السعي وهو في الجهة الجنوبية مائلا إلى الشرق على بعد نحو 130 متر من الكعبة المشرفة، والمراد به هنا: مكان عال في أصل جبل أبي قبيس جنوب المسجد قريب من باب الصفا، وهو الآن شبيه بالمصلى طوله ستة أمتار، وعرضه ثلاثة، وارتفاعه نحو مترين.
المروة: واحد المرو، وهي حجارة بيض، أو الصخرة القوية المتعرجة، وهو: جبيل صغير من حجر المرو، وهو الأبيض الصلب، ويقع في الجهة الشرقية الشمالية على بعد نحو 300 متر من الركن الشامي للكعبة المشرفة، وهو منتهى المسعى الشمالي، واحد مشاعر الحج، والمراد هنا مكان مرتفع في أصل جبل قعيقعان (1)، في الشمال الشرقي للمسجد الحرام، قرب باب السلام، وهو شبيه بالمصلى، وطوله أربعة أمتار، في عرض مترين، وارتفاع مترين، وكان متصلاً بجبل قعيقعان.
وجبلا الصفا والمروة عبارة عن أكمة، وسط مكة تحيط بهما بيوت أهل مكة، والتي منها: دار الأرقم، ودار السائب ابن أبي السائب العائذي، ودار الخلد وغيرها، فهما جبلان مشهوران بمكة، ويرجع بدء السعي بينهما إلى زمن إبراهيم عليه السلام، ويقعان شرقي المسجد الحرام, في الجهة المقابلة للحجر الأسود ومقام إبراهيم.
والطريق الذي بين الصفا والمروة هو: المسعى، أو مكان السعي، والمسعى الآن داخل في المسجد الحرام نتيجة التوسعة السعودية التي تمت عام 1375 هـ، واللفظان اليوم علمان لهذين الجبلين.
¥