كميت يزل اللبد عن حال متنه كما زلَّت الصفواء بالمتنزل ([10] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn10))
والمروة واحدة المرو، وهي حجارة تبرق، قال في القاموس: «حجارة بيضٌ برَّاقة توري النار» ([11] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn11)).
وقد ذكر عددٌ من علماء اللغة ([12] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn12))، والكاتبين في أسماء المواضع والبلدان أن الصفا والمروة جبلان بمكة بين بطحاء مكة والمسجد، وهذا يدل على تسمية الكلِّ باسم البعض كما هو المعهود في أساليب اللغة العربية، وهنا سُمِّيَ المكانُ باسم جزءٍ مشتهرٍ ظاهر فيه، وهو الصخرات الملساء في جبل الصفا، والحجارة البيض في جبل المروة، ومنه أيضاً تسمية سُوَرِ القُرآنِ بقصة مشهورة فيها، أو أمرٍ يقتضي الاعتبار والتفكُّر كما في تسمية سورة البقرة، وهي أكبر سُوَرِ القرآن بهذا الاسم لورود قصة بقرة بني إسرائيل فيها، وسورة آل عمران كذلك، وسورة الأنعام لورود ذكر الأنعام فيها على وجه يقتضي التدبر والاعتبار، وهكذا في بقية السور.
والمسعى اسم مكان السعي، وموضعه بين الصفا والمروة، وسمِّي الذهاب بين الصفا والمروة كله سعياً مع أن مكان السعي الذي هو الهرولة إنما هو بطن الوادي، والذي حدد طرفاه بالعلمين الأخضرين، وهذا كما سبق في تسمية الصفا والمروة من باب تسمية الكل باسم البعض.
وقد ذكر فضيلة الدكتور عويد المطرفي في بحثه الموسوم بـ: «رفع الأعلام بأدلة جواز توسيع عرض المسعى المشعر الحرام»، أخذاً مما رواه الأزرقي في تاريخه أخبار مكة من قصة الاختلاف بين أبي سفيان ابن حرب رضي الله عنه وابن فرقد السلمي في أملاكهما على جبل المروة أن المروة مروتان، هما المروة البيضاء وتقع في الجهة الجنوبية الشرقية، والمروة السوداء وتقع في الجهة الجنوبية الغربية في الموطن نفسه، وأيَّد ذلك بصور مأخوذة من العيينات الصخرية المستخرجة منهما.
قلت: ويؤكد هذا ما ذكره في معجم البلدان عند التعريف بالصفا من قول النُّصيب شاعر ودَّان مولى بني كنانة ثم مولى بني أمية:
وبين الصفا والمروتين ذكرتكم بمختلف ما بين ساعٍ وموجف
وعند طوافي قد ذكرتك ذكرةً هي الموت بل كادت على الموت تضعف ([13] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=103566&page=4#_ftn13))
أقوال العلماء في جواز التوسعة الجديدة للمسعى وأدلتهم على ذلك:
القول الأول: وإليه ذهب غالبية هيئة كبار العلماء وغيرهم في المملكة العربية السعودية إلى عدم جواز هذه التوسعة الجديدة مستدلين لذلك بما يلي:
1 – أن النبي عليه الصلاة والسلام سعى في هذا المكان، والأصل في العبادات الاتباع، فلا يصح أن يتقرب لله تعالى بعبادة إلا على الجهة المشروعة المنقولة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع مبيناً لأمته مناسك الحج: «لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ»، وحينئذٍ فلا بدَّ من الاقتصار في السعي على الوارد عن النبي عليه الصلاة والسلام.
2 – أن النصوص إنما وردت بمشروعية السعي بين الصفا والمروة، فما كان خارجاً عنهما فإنه ليس بينهما وإنما هو مسامت لهما فالساعي خارج المسعى لا يصدق عليه أنه ساعٍ بينهما، وقد اتفق العلماء على أنه لا يصحُّ أن يكون جميع الشوط أو غالبه خارج مكان السعي.
3 – أنَّ الألف واللام في كلمة (المسعى) للعهد، والمكان المعهود للسعي هو المكان المُعَدُّ لذلك اليوم المحاط بالأسوار، قال ابن جرير في تفسيره (2/ 44): إنما عني الله تعالى ذكره بقوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ}، في هذا الموضع الجبلين المسمَّيين بهذين الاسمين اللذين في حرمه دون سائر الصفا والمروة، ولذلك أدخل فيهما الألف واللام ليُعلم عباده أنه عنى بذلك الجبلين المعروفين بهذين الاسمين.
4 – أن المسعى يحكم عرضه عمل القرون المتتالية من عهد النبي عليه الصلاة والسلام إلى عهدنا الحاضر وهو يخصص السعي بهذا المكان.
¥