تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد طالعت أدلة كلٍ فوجدت المانعين -ومنهم أكثرية علماء هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التي اتخذت بالأكثرية منذ سنتين قراراً بعدم جواز التوسعة الأفقية بمن فيهم سماحة المفتي العام للمملكة- يبنون كلامهم على فتوى سابقة للشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- بأن المسعى القديم -في التوسعة السعودية الأولى- مستوعب لمكان السعي عرضاً لا تجوز الزيادة عليه، واعتماد هذه الفتوى على ما ذكره بعض العلماء المتقدمين من أن عرض المسعى بنحو من خمسة وثلاثين ونصف ذراعاً -على ما ذكر الأزرقي في كتابه أخبار مكة 2/ 95 - ، وأن هذا العرض حد للمسعى، وأن هذه الحدود هي من المشاعر التي حافظت عليها الأجيال، وأنه لا مجال للاجتهادات في تغيير المشاعر وأحكام الحج -كما ذكر ذلك الشيخ الفوزان حفظه الله-.

وأما الفريق الآخر الذي يجيز التوسعة فمنهم من يبني كلامه على التيسير على المسلمين، وأن المحدود -وهو عرض المسعى- لا يمكن أن يتسع لغير المحدود -وهو أعداد المعتمرين والحجاج المتزايدة- فلابد من التوسعة ولو زادت سبعين ضعفاً -كما قال بعضهم ولا حول ولا قوة إلا بالله-.

ومنهم من بنى كلامه على أنه لابد من السعي بين الصفا والمروة، ولكن اتساع الجبلين وامتدادهما كان أكثر مما هو عليه الحال في العمارة الحالية، وذلك بشهادة الشهود العدول وبالحقائق الجيولوجية المشاهدة، وبالأخبار المذكورة عن المتقدمين من العلماء.

مناقشة أدلة المانعين:

وبالنظر في أدلة المانعين لا نرى أن ما احتجوا به يصلح دليلاً على المنع؛ لأن النص القرآني: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) (البقرة:158)، لم يشترط إلا أن يكون السعي بينهما، فكل ما كان بين الجبلين وحدودهما القديمة من أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو مكان للسعي، وقد ثبت بالدلائل المشاهدة والمسموعة حصول تغيير في حجم الجبلين في العمارات المتعددة، فالعبرة بما كان موجوداً في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما قبله وما هو مشاهد من آثار التغيير، وليس أن إزالة جزء من صخور الجبلين يغير الحكم الشرعي في السعي بين مكان هذه الصخور ولو سوي بالأرض.

وفي قرارات هيئة كبار العلماء زمن الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- النص على الموافقة على الاقتراح بتكسير صخر الصفا والمروة؛ لتيسير حصول السعي في العربات، وهذا الذي تم في العمارة السعودية الأولى، ثم ما كان في التوسعة الثانية من إنشاء طريق للمشاة بين جبل الصفا وجبل أبي قبيس، وذلك بإزالة جزء من جبل الصفا كما هو معلوم من كلام أهل العلم في تعريف جبل الصفا، وأنه جبل في سفح جبل أبي قبيس، وقد ذكر أبو إسحاق الحربي في وصفه لجبل الصفا أن طرفاً من جبل أبي قبيس يتعرج خلف جبل الصفا.

والصور الفوتوغرافية الملتقطة تدل على امتداد جبل الصفا إلى جبل أبي قبيس -الذي عليه الآن قصر الضيافة-، وقد ذكر فضيلة الشيخ عويد المطرفي: "أن التغيير الذي وقع لجبل الصفا وقع على مرحلتين أولاهما عام 1375هـ، حين قطعت أكتاف جبل الصفا، وفتح عليها شارع لمرور السيارات يصل بين أجياد والقشاشية، والثانية: في عام 1401هـ حين أزيل هذا الشارع وقطع الجبل من أصله وفصل موضع الصفا عن الجبل، وفتح بينه وبين الجبل الأصلي طريق متسع للمشاة بين ما بقي من أصل الجبل وبين جُدُر الصفا، بيد أن أصله وقاعدته موجودة تحت أرض الشارع المذكور".أ. هـ. من: "عويد المطرفي في كتابه: رفع الأعلام بأدلة توسيع عرض المسعى المشعر الحرام ص9".

والشيخ المطرفي أثبت شهادته كتابة، وشهادة في المحكمة العامة بمكة بتاريخ 25/ 12/1427هـ مع غيره من الشهود أمام القاضي الشيخ عبد الله بن ناصر الصبيحي، نقلاً عن كتاب: "توسعة المسعى عزيمة لا رخصة". أ. د/ عبد الوهاب أبو سليمان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير