تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مسألة كبيرة تحتاج لاجتهاد جماعي ورأي جماعي بعد دراسة المسعى والتطورات والتغييرات التاريخية، وبعد هذه السلسلة الطويلة والكثيرة من الدراسات والأبحاث الجديدة التي لا شك أنها أضافت شيئاً يستحق معه إعادة النظر في دراسة الموضوع مجدداً، أرى أنه لا مانع من أن نذكر رأينا ونحاول أن نلملم أطراف المسألة بقدر المستطاع، أقول: سبب الخلاف في المسألة منذ أن كانت التوسعة؛ هو هل المكان الذي يسعى فيه الناس مكان مقصور محدود أم أنه ممدود؟ وهل عرض المسعى المذكور في كتب تاريخ مكة -مثل كتاب الأزرقي والفاكهي وغيرهما، وقد ذرعوه بخمسة وثلاثين ونصف ذراع- هو المكان المعدّ للسعي، أم أنّ هذا الإخبار عن الأمر الواقع فحسب، والمكان الذي يجزء السعي فيه أوسع من ذلك وأنّ السعي ما دام واقعاً بين جبلي الصفا والمروة فهو صحيح ومجزء، وإن هُجر السعي فيه فترة من الزمن، لعدم احتياج الناس لذلك؟

أرسل الشيخ العلامة السّعدي –رحمه الله- لشيخنا في الإجازة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز ابن عقيل مراسلات في مسائل كثيرة ومنها توسعة المسعى بتاريخ 21 ذي الحجة سنة 1375هـ ومما جاء في الرسالة قول الشيخ السعدي لتلميذه: "وكذلك المسعى منهم من قال إنّ عرضه لا يحد بأذرع معينة، بل كل مكان بين الصفا والمروة فهو داخل في المسعى كما هو ظاهر النصوص من الكتاب والسنة وكما هو ظاهر فعل النبي وأصحابه ومن بعده ومنهم من قال: يقتصر فيه على الموجود لا يزاد فيه إلا زيادة يسيرة أي في عرضه، قال: هذا هو قول أكثر الحاضرين".

وصدرت فتوى عن هيئة كبار العلماء في ذلك الوقت أنّ المسعى قد حدّ في عرض محدود ولا تجوز الزيادة عليه، ولذا رأوا أنّ توسعة المسعى تكون من خلال بناء دور ثان علوي بدلاً من مدِّ المسعى من جهة الشرق.

والفتوى قد صدرت باسم سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم وكان المفتي العام آنذاك.

يقول الشيخ السعدي: "ويظهر من حال الشيخ محمد بن إبراهيم أنه يعمل على قول هؤلاء لأنه لا يحب التشويش ولا الاعتراض على أحد".

ثم ظفرت برسالة خطية بقلم العلامة المحقق ذهبي أهل العصر الشيخ المعلمي اليماني –رحمه الله- والرسالة ليست مطولة ولم يمد فيها النفس –كعادته- ولكن ذكر فيها جواز توسعة المسعى ورأى أن العبرة بالسعي لا بالمكان.

ولسماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم رسالة في جواز تنحية المقام عن مكانه من أجل التوسعة على الطائفين، وقد سبق لما أن ذكرنا أن الصفوف ما دامت أنها موصولة وأنّ الطواف يقع في بيت الله الحرام فمهما زِيْد فالزيادة لها حكم الأصل، وما قارب الشيء أعطي حكمه، كما هو معلوم من كتب أهل العلم، وقد نقل في رسالته كلاماً جيداً للرملي المسمى بالشافعي الصغير في "نهاية المحتاج" وهو قوله:

"لم أر في كلامهم ضبط عرض المسعى وسكوتهم عنه لعدم الاحتياج إليه، فإنّ الواجب استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة كل مرة"

ثم ظفرت بحواشي عبدالحميد الشرواني ويقول فيها ما معناه "إن ضبط العلماء للمسعى إنما هو ضبط تقريبي ولا حاجة لضبط عرض المسعى".

والسعي طولاً من حيث نقطة البدء والانتهاء في كل شوط مع المرور من بطن الوادي هو الذي فعله النبي، والفقهاء ينصون في كتبهم على وجوب استيعاب المسافة بين الصفا والمروة (1)، وأن البدء بالصفا والانتهاء بالمروة في كل مرة هو شوط، ثم العودة من المروة إلى الصفا هو شوط ثان، والواجب السعي سبعة أشواط دون النظر إلى عرض المسعى ذلك أنّ الصفا جبل والمروة جبل والعبرة أن يقع السعي بينهما، فإذا كانت التوسعة الجديدة ضمن عرض المسعى فلا ينبغي التردد في الجواز ألبتة، وعرض المسعى اليوم عشرون متراً والجبال -كما هو معلوم- من حيث العرض أوسع من عشرين متراً، ذلك أنّ أصل السعي كما في "صحيح البخاري" برقم (3364) من حديث ابن عباس في قصة إبراهيم مع أم إسماعيل والقصة طويلة وأنه تركها وابنها بقرب بيت الله الحرام وفي آخر القصة "وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء الذي وضعه بجانبها حتى إذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال يتلبط، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه وهو يموت، فانطلقت فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر فلم تر أحداً، ثم هبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير