تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[ابو مهند العدناني]ــــــــ[12 - 09 - 08, 07:09 م]ـ

قوله: والخلاف في تحقيق المناط هو من جنس الخلاف في المسائل الاجتهادية التي لا يجوز فيها الإنكار على المخالف، وليس في المسألة دليل قاطع يجب المصير إليه.

لا يخلو من نظر.

لان تحقيق المناط مبني على مقدمتين:

الاولى: تحديد وتعيين المناط.

والثانية: تحقيقه، وهو يعني ادراج الواقعة في المناط.

والمقدمة الاولى يشترط فيها العموم: إما عموم الكل لأجزائه، وإما عموم الكلي لجزئياته، وإما عموم العلة للمعلول.

ويشترط في الثانية قبولها للاندراج في المناط لكونها: جزءا له، أو جزئيا له، أو معلولا له.

ويلزمه إقامة الدليل على كلتا المقدمتين.

فيقيم الدليل على أن المناط هو كذا، أما بالنص العام، أو بالعلة المنصوصة أو المستنبطة.

ويقيم الدليل على صحة اندراج المحكوم عليه في المناط لغة أو حسا أو عقلا أو عرفا.

ومثال تحقيق اندراج الجزء في الكل:

غسل الوجه في الوضوء.

فالحكم هو الغسل، والمناط كونه وجها.

فينظر إلى الأجزاء التي تكون محلا للإدراج في الوجه الذي هو مناط الحكم، فيحققها فيه.

وهي طرفان ووسط.

فطرف ليس من الوجه بالإجماع كالرقبة.

وطرف من الوجه بالإجماع كظاهر الفم.

وطرف يكون محلا للاجتهاد كالعذار.

فيحتاج إلى تحقيق كون العذار داخلا ومندرجا في المناط الذي هو الوجه، أو ليس مندرجا فيه.

كأن يستدل على عدم الاندراج بطريق اللغة، فيقول: الوجه ما تقع به المواجهة، والعذار لا تقع به مواجهة فلا يكون من الوجه؛ فلا يجب غسله.

ومحل الاستدراك على الشيخ انه جعل الخلاف سائغا لكونه من الخلاف في تحقيق المناط، وليس الأمر كذلك، فمنه ما يكون داخلا فيه بالاتفاق ومنه ما يكون خارجا عنه بالاتفاق، ومنه الواسطة التي هي محل الاجتهاد.

فليس كل إدراج وتحقيق يكون موضع اجتهاد.

وفي هذه المسالة: المناط هو البينية، والتطواف هو الحكم، والزيادة المستحدثة هي المحل الذي يراد تحقيقه في المناط.

والخلاف فيها لا يكون سائغا لأجل كونها مندرجة في عنوان: تحقيق المناط.

فالخلاف لا يكون جائزا لكون الأداة المستعملة في الخلاف هي تحقيق المناط، فتسويغ الخلاف أو المنع منه لا يعود إلى نوعية الأداة المستعملة في إحراز الحكم.

فإذا قال المخالف هذا الجزء المستحدث ليس داخلا في المسعى بالإجماع، لم يكون الجواب: بل الخلاف سائغ لكونه من تحقيق المناط، وهو احد الأنواع الثلاثة للاجتهاد.

فالخلاف لا يكون سائغا لأجل أنها من تحقيق المناط أو لا.

بل كان سائغا بإبطال حصول الإجماع على خروج الزيادة عن محل السعي.

فقول الشيخ: والخلاف في تحقيق المناط هو من جنس الخلاف في المسائل الاجتهادية التي لا يجوز فيها الإنكار على المخالف، وليس في المسألة دليل قاطع يجب المصير إليه.

لا يخلو من نظر، فقد يكون المخالف استعمل تحقيق المناط في محل الإجماع فينكر عليه، كما لو حقق المناط في دخول الرجال في ما ملكت الإيمان، فيبيح للرجل الاستمتاع بمملوكه، والمرأة بمملوكها.

فلو قال: ملك اليمين هو المناط، والحكم هو أباحة الاستمتاع، والرجل يدخل في ملك اليمين بطريق تحقيق المناط، وإذا كانت الأداة المستخدمة هي تحقيق المناط ساغ الاختلاف.

لم يكن قوله صوابا، لحصول الإجماع بعدم اندراج الرجال في هذا المناط، ونوع الأداة المستخدمة في استخراج الحكم لا تنفعه في المقام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ

وليس الكلام على مضمون النتيجة التي توصل إليها الشيخ، وإنما على مشروعية طريقة الاستدلال، هل هي مستقيمة أم لا؟

ولان الباحث قد يصل إلى نتيجة صحيحة بطريقة غير صحيحة.

أما المانع للتوسع الأفقي فقد خرق المناط الذي هو البينية بتجويزه للتوسع الرأسي.

لأن للبينية حد أفقي ينتهي عند نهاية عرض الجبلين، ولها حد علوي ينتهي عند نهاية طول الجبلين.

فبتجويزه التوسع الرأسي ولو تجاوز رأس الجبلين يكون قد خرق مناط البينية، فكيف يعود ويحتج به على المجوز للتوسع الأفقي.

وقولهم: الهواء يحكي القرار.

هي مثل قاعدة الزيادة لها حكم المزيد

كلاهما حكاية مذهب لا حجة فيهما.

فإذا قال الزيادة لها حكم المزيد بشرط عدم قيام الدليل الشرعي على تحريم الزيادة.

قيل: وكذلك قاعدة الهواء يحكي القرار.

فإذا كان الدليل المانع من إعطاء الزيادة حكم المزيد هو خروجها عن حد البينية، فكذلك الزيادة العلوية لخروجها عن حد البينية تمنع الهواء من حكايته للقرار.

فإذا كانت الزيادة الأفقية تخرج المسعى من ظرف " بين" إلى ظرف" بجانب"

فكذلك الزيادة الرأسية تخرج المسعى من ظرف "بين" إلى ظرف "فوق"

وإذا كان المانع من إجراء القاعدة المذكورة من إعطاء الزيادة حكم المزيد: هو عمل الأمة جيلا بعد جيل، فكذلك عمل القرون جيلا بعد جيل يمنع من حكاية الهواء للقرار.

وبوجه ثان: أن الباء في قوله تعالى " فلا جناح عليه أن يطوف بهما" للإلصاق والطائف في الأدوار العلوية لا يمكنه الإلصاق، فلم يحكِ الهواء القرار، لامتناع الإلصاق.

وبوجه ثالث: أن حكاية الهواء للقرار هنا أما مع اعتبار وجود البينية أو لا؟

فإن قالوا بحكايته للقرار ولو مع انتفاء البينية الظرفية، بطل منعهم للزيادة الأفقية بحجة انتفاء الظرفية البينية.

وان قالوا أن الظرفية البينية متحققة، لم يكن للقاعدة فائدة في إبراز الحكم، لان وجود البينية التي هي المناط كاف في تسويغ الزيادة، ويلزم منه أن يكون تجاوز طول الجبلين لا يقتضي انتفاء الظرفية البينية، فيترتب عليه أن الظرفية البينية لا تنتفي بتجاوز عرض الجبلين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير