تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الصفا والمروة، على أن لا يتجاوز الساعي حين يسعى من الصفا أو يأتي إليه ما كان بين الميلين والمسجد مما يلي الشارع العام وذلك للاحتياط والتقريب.

وفي تاريخ 19/ 4 / 1377هـ جاء اقتراح من عضو في بعض اللجان التنفيذية التي شكلت بعد ذلك لتوسعة المسجد الحرام، وهو محمد طاهر الكردي، ومفاد هذا الاقتراح أن تؤلف لجنة من علماء المذاهب الأربعة لبيان مبدأ السعي ومنتهاه في الصفا والمروة، وذلك بأن يكسر صخر الصفا والمروة، ولا يبقى درج مطلق، بل يبقى جدار سميك فقط في آخر الصفا، وجدار آخر ينتهي في آخر المروة يبدأ السعي منه وينتهي إليه؛ معللا ذلك بتيسير حصول السعي في العربات بين الصفا والمروة.

ورد المفتي الأكبر في السعودية آنذاك الشيخ محمد بن إبراهيم على هذا الاقتراح بكلام نفيس، هذا نصه:

" وبعد تأمل الاقتراح المذكور ظهر لنا أنه يتعين ترك الصفا والمروة على ما هما عليه أولا. ويسعنا ما وسع من قبلنا في ذلك، ولو فتحت أبواب الاقتراحات في المشاعر لأدى ذلك إلى أن تكون في المستقبل مسرحاً للآراء أو ميدانا للاجتهادات أو نافذة يولج منها لتغير المشاعر وأحكام الحج، فيحصل بذلك فساد كبير، ويكفي في حصول وصول العربات التي تحمل المرضى والعاجزين ما يحصل به الوصول إلى ما يكفي الوصول إليه في استكمال السعي، يكفي في ذلك إعادة أرض المسعى إلى ما كانت عليه قبل هذا العمل الجديد، أو يجمع بين هذه المصلحة ومصلحة انخفاض المسعى، بأن يجعل ما يلي كلا من الصفا والمروة متصاعدا شيئًا فشيئًا حتى يكون ما يلي كلا منهما على حالته قبل هذا العمل الجديد،ولا مشقة في ذلك، مع المحافظة على ما ينبغي من بقاء المشاعر على حالها وعدم التعرض لها بشيء، ولا ينبغي أن يلتفت إلى أماني بعض المستصعبين لبعض أعمال الحج واقتراحاتهم؛ بل ينبغي أن يعمل حول ذلك البيانات الشرعية المدعمة بالدلائل القطعية المشتملة على مزيد الحث والترغيب في الطاعة والتمسك بهدي رسول الله صلي الله عليه وسلم وسنته في المعتقدات والأعمال، وتعظيم شعائر الله ومزيد احترامها .. ".

ولو فرضنا العمل بالرأي الفقهي المرخص في الانحراف اليسير عن أرض المسعى، فإنه يتعين الانطلاق من اعتبار الفقهاء والمؤرخين أن خمسة وثلاثين ذراعاً ونصف الذراع هو أعلى حد لعرض المسعى، وما زاد قليلا عنه بذراع أو ذراعين، فلا بأس به تأسيساً على احتمال وجود تضييق لعرض المسعى بسبب الأبنية وغيرها، من غير أن يكون ذلك مبررا لزيادات وتوسيعات أخرى فاحشة، ولعل من أهم الفتاوى التي لها الفصل في هذا الأمر الفتوى التي صدرت عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية سنة 1393 هـ التي تنص على جواز السعي فوق سقف المسعى، فقد ورد عن هذه اللجنة ما نصه: "الخلاصة: وبعد اطلاع الهيئة على البحث المتقدم ودراستها للمسألة واستعراض أقوال أهل العلم في حكم الطواف والسعي والرمل راكبًا والصلاة إلى هواء الكعبة أو قائما وكذا حكم الطواف فوق أسطحه الحرم وأروقته، وحكمهم بأن من ملك أرضا ملك أسفلها وأعلاها، وبعد تداول الرأي والمناقشة انتهى المجلس بالأكثرية إلى الإفتاء بجواز السعي فوق سقف المسعى عند الحاجة بشرط استيعاب ما بين الصفا والمروة، وأن لا يخرج عن مسامتة المسعى عرضا .. "، وتكونت هذه اللجنة من عضوية عبد الله بن سليمان بن منيع، وعبد الله بن عبد الرحمن بن غديان، وكان نائب الرئيس عبد الرزاق عفيفي، وإبراهيم بن محمد آل الشيخ رئيسا للجنة فهؤلاء هم القائلون بالجواز، ومحل الاستشهاد هو: " وألا يخرج عن مسامتة المسعى عرضا، فهذا الاستثناء صريح في وجوب الالتزام بعرض المسعى المعهود في ذلك الوقت، وأنه لا يجوز للساعي الخروج عن عرضه.

وقد أخذ مجلس كبار العلماء بالسعودية بهذه الفتوى، فقرر بتاريخ 22/ 2/1427هـ بالأكثرية عدم جواز توسيع عرض المسعى، فقد نص القرار على ما يأتي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير