تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو تميم الكناني]ــــــــ[16 - 10 - 08, 08:34 ص]ـ

المبحث الثاني

التحقيق في عرض المسعى وفتاوى المتأخرين فيه

إن الأزرقي والفاكهي والحربي هم أقدم من بين عرض المسعى من حيث القياس بالذراع، ولا يعني ذلك عدم تحديد غيرهم لعرض المسعى، وإنما هم أصحاب أقدم مستند في عرض المسعى وصل إلينا مدونًا، وكان ما قرره الأزرقي والفاكهي مبينا لعرض المسعى الذي سعى فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم ومن سعى معه من المسلمين ولم يجاوزوه، الأمر الذي جعل الفقهاء يعتمدون على ذلك في تقرير أحكام عرض وطول المسعى، ويقوي ذلك أن الأزرقي والفاكهي ممن عاش في القرن الثالث المشهود له بالخيرية، وعاصرا أئمة الإسلام ممن نقلوا الشرع الحنيف عن رجال لم يبعدوا عن عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه كثيراً، كما أن الاعتماد على كلام الأزرقي والفاكهي مبني على أنهما بينا أوسع عرض لأرض المسعى، قبل حدوث نقصان فيه بسبب دخول بعض الديار والأبنية في بعض أرجائه من جهته الشرقية، أي أن كلامهما بين ما كان عليه أصل عرض المسعى الشرعي المعني في نصوص الكتاب والسنة، قبل أن يضيق بسب طرو البناء المستحدث في أرضه، فيكون ذرع الأزرقي والفاكهي (35 ذراعا ونصف) هو الحد الأوسع لعرض المسعى.

وقد بقي الناس على اعتبار أكثر عرض المسعى (35 ذراعاً ونصف الذراع) حتى دخلت سنة 1357هـ/ 1932م، حيث أمر الملك عبد العزيز بإزالة النواتىء العارضة على جانبي المسعى، فصار المشعر من الصفا والمروة بعد عملية الرصف متساوي الأطراف، وبلغ عرضه بالنظام المتري عشرين متراً ونصف المتر.

ثم لما دخلت سنة (1366هـ - 1947م)، أمر الملك عبدالعزيز بتحديد سقف المسعى بصورة فنية محكمة، ونفذت عملية سقف المسعى من الصفا والمروة بعرض عشرين متراً ونصف المتر، فيما عدا ثمانية أمتار مقابل باب علي رضي الله عنه تركت بدون سقف؛ لأنها تمثل ميداناً متسعاً وتركها دون سقف يكسبها جمالاً في نظر القائلين بذلك.

وتوالت الانشاءات والأبنية في مشعر المسعى طولا وعرضا من عهد الملك سعود أول ملك من أولاد الملك عبد العزيز إلى ثاني ملك، وهو أخوه الملك فيصل، وتنقل المراجع المصنفة في تاريخ عمارة المسجد الحرام أن توسعة وتحسين حال المسعى بدأت وتعاقبت على ثلاث مراحل بدءا من سنة 1357هـ إلى سنة 1382هـ، ومن أهم من باشروا بعض تلك الأعمال اللجنة المعينة من قبل الملك سعود وتكونت من تسعة أعضاء وهم: الشيخ عبد الملك بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ عبد الله بن جاسر، والشيخ علوي بن عباس المالكي، والشيخ محمد بن علي الحركان، والشيخ محمد بن لادن، والشيخ محمد صالح القزاز، والمعلم حسين عجاج، والمهندسان الفنيان طارق الشواف وطه القرملي، وأوكل لهذه اللجنة متابعة عشرة أعمال،منها: فصل المباني المجاورة للمسعى والمسجد الحرام، وقطع المرور من المسعى ليتمكن الحجاج من السعي بين الصفا والمروة، من غير مزاحمة أو مجاورة العربات ومرتادي الأسواق، وفي سنة 1377هـ هدم ما بقي بجانبي المسعى من بيوت ودكاكين لبناء المسعى، وهدم أيضا ما خلفهما من الجهة الشرقية إلى الصفا من مساكن وأسواق، وبني فيما بين الصفا والمروة بناء المسعى بطابقيه، وأصبح عرضه 20 مترا ونصف المتر،موافقاً لما كان عليه الأمر في عهد الملك عبد العزيز بعد أن أمر بسقف المسعى كما تقدم.

وفي ظل هذه الأحداث صدرت عن اللجنة المذكورة عدة توصيات وآراء وقرارات أبرزها القرار رقم 35 الصادر في 23/ 9 / 1374 هـ، الذي خلص بعد البحث في المصادر الفقهية وفي مصادر تاريخ البيت الحرام ومراجعه، إلى أن الأصل في السعي عدم وجود بناء وأن البناء فيه حدث قديما وحديثاً، وأن مكان السعي تعبدي، وأن الالتواء كثيراً حتى يسقط الساعي في الشارع العام يضر فلا يعتد بسعيه، وذلك مثل ما يفعله بعض الجهال في أوقات الزحمة عندما ينصرفون من الصفا قاصدين المروة، فيخرجون عن حد المسعى حتى يصلوا إلى الشارع المحاذي، فينتفي المقصود من البينية بين الصفا والمروة بسبب الخروج عن حد الطول من ناحية باب الصفا والعرض معاً، وأن الالتواء اليسير لا يضر؛ لأن التحديد المنصوص عليه في كلام المؤرخين تقريبي، وأنه لا بأس بالسعي في موضع دار الشيببي، لأنها على مسامتة بطن الوادي بين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير