تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" وفيها: في يوم السبت ثاني عشر رجب- كان عقد مجلس بالمسجد الحرام - سببه: أن ابن الزمن استأجر لنفسه ميضأة الأشرف شعبان بن حسين التي بين الميلين بالمسعى والرّبع الذي عليها، وأربعة دكاكين ملاصقة للميضأة من وقف برباط العباس رضي الله عنه -عم النبي صلى الله عليه وسلم -، وهو على يمين الداخل إلى الرباط بالمسعى أيضا، وكان استئجاره لذلك بالقاهرة في سنة أربع وسبعين وثمانمائة، ثم شرع في عمارة ذلك فاحتفر الميضأة جداً، وجعل علوها رَبعا، وجعل إلى جانبها رباطا، وبنى بيتا ببوابة، ثم أراد أن يعمل سبيلا على بعض المساطب التي كانت أمام بعض الدكاكين فأرسل إليه القاضي برهان الدين بن ظهيرة بالمنع، فلم يمتنع فتوجه القاضي برهان الدين بن ظهيرة إلى هناك، ومنع الفعلة من حفر ذلك، وأرسل إلى القضاة الثلاثة، وإلى جماعة من المجاورين من أهل الشام العلماء، منهم: القاضي علاء الدين المرداوي الحنبلي، والشيخ قاسم الحنفي،وشرف الدين موسى بن عبد الحق الحنفي، وجلس بالمسجد الحرام، فحضر المذكورون وغيرهم وحضر ابن الزمن، فسألهم القاضي برهان الدين: هل يجوز أن يبنى في مشعر من مشاعر الحج شيء؟ فأفتوا بأن ذلك حرام. وأنكر القاضي علاء الدين ذلك إنكارا قويا، وقام بأعباء المجلس – جزاه الله خيراـ وأكثر من أمثاله، وقال القاضي برهان الدين في المجلس: إن في تاريخ مكة للفاكهي أن عرض المسعى بين الميلين خمسة وثلاثون ذراعاً، فذرع حينئذ ما بين المسجد الحرام إلى جدار عمارة ابن الزمن، فوجد سبعة وعشرون ذراعاً، فقال ابن الزمن: هل هذا المنع مختص بي أم بجميع ما في المسعى؟ فقال القاضي: حكمت بهدم جميع ذلك، وأمر الأمير طوغان بهدم ذلك، فقال طوغان: أكتبوا لي مستنداً بذلك، فأمر القاضي برهان الدين الشيخ نور الدين بن الشيخة بكتابة سجل بذلك، فكتب في يومه، وأخذ عليه خط القضاة الأربعة وجماعة من حضر المجلس، ثم أن طوغان لم يفعل ذلك، بل اجتمع هو وابن الزمن يوم الخميس سابع عشر الشهر، وقاسا المسعى من الأماكن الضيقة، ويقال: إنه كتب بذلك محضرا، وأرسله مع قاصد إلى القاهرة، وبلغ السلطان أشياء كثيرة في تزويق وتنميق، وصادف أن صهر ابن الزمن زوج أخته الشمس البخاري شيخ الباسطية بمكة كان بالقاهرة، فبلغ السلطان أشياء عن القاضي في تزويق وتنميق، فصادف عرض جميع ذلك للسلطان، فكان ما سيأتي .. والمساطب التي كانت أمام الدكاكين التي أراد أن يعمل على بعضها سبيلا ابن الزمن لم يكن لها وجود قبل الأربعين وثمانمائة، وإنما وجدت بعد الأربعين، فإن الدكاكين كان يكتريها غسالون يغسلون على أبوابها الثياب،ويخبطونها على أحجار يضعونها تحت أبواب الدكاكين إلى جانب الحائط، ثم انتقل الغسالون واكترى الدكاكين جماعة يبيعون فيها الفخار، وأحدثوا لهم مساطب صغارا، ثم صاروا يكبرونها إلى أن صار عرضها ما يقارب الثلاثة أذرع، ويقال: أن جماعة أفتوا ابن الزمن أنه على حق، والله يقابل كل واحد على صنيعه. ومما أحدثه ابن الزمن في هذه العمارة أنه جعل بطريق سوق الليل أبوابا يصعد منها للميضأة ودكة بطول الميضأة من أمامها، ودرجة يصعد منها إلى علو الربع، وكانت الطريق تسع قطارين، والآن لا تسع إلا قطارا واحدا، والله تعالى بين المسلمين وبينه".

و عن نفس الخبر قال الدرعي المغربي في رحلته الكبرى إلى الحج: " ومما يناسب ما ذكر من التعدي على المسعى ما وقع في دولة الجراكسة في سلطنة الملك الأشرف قايتباي المحمودى ـ سامحه الله ـ وملخصه: " أن تاجراً أرسله قايتباي إلى مكة اسمه محمد بن عمر بن الزمن الخواجا يتعاطى له تجارة، ويعمر له مدرسة وجانبا من الحرم والحجر وجوف الكعبة، فكان من جوره وحبه للجاه أن كان بين الميلين ميضأة أمر بعملها السلطان الملك الأشرف شعبان بن الناصر حسن بن قلاوون في مقابلة باب علي يحدها من الشرق بيوت الناس ومن الغرب المسعى الشريف ومن الجنوب سيل وادي إبراهيم الذي يقال له رباط سكنه الفقراء، فهدم الخواجا الميضأة المذكورة وهدم من جانب المسعى بقدر ثلاثة أذرع، وحفر أمامه ليبني بها رباطا يسكنه الفقراء فمنعه من ذلك قاضي القضاة بمكة برهان الدين إبراهيم بن علي بن ظهيرة، فلم يمتنع من ذلك فجمع القاضي جماعة وافرة من علماء المذاهب الأربعة وأنكروا ذلك، وقالوا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير