وذلك الكلام خطأ أخي الكريم فإن سنة رسول الله لاتترك مراعاة لأهل الجهل فإن في ذلك إضاعة للسنن خاصة في الأزمنة التي يقل فيها العلم , والحقيقة أن هذا الكلام مدخل من مداخل الشيطان التي يلبس بها على بعض عباد الله ليصل إلى غرضه من إماتة السنن وسأنقل لك هنا كلام جميل متين للإمام الصنعاني رحمه الله حيث أنه تعقب الإمام ابن دقيق العيد في شرحه للعمدة تحت حديث (الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ وَ: هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}.)
فقال ابن دقيق العيد _ رحمه الله _: وَفِي الْمُوَاظَبَةِ عَلَى ذَلِكَ دَائِمًا أَمْرٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى الْجُهَّالَ إلَى اعْتِقَادِ أَنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ.
وَمِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ: حَسْمُ مَادَّةِ هَذِهِ الذَّرِيعَةِ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: أَمَّا الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا، فَيَأْبَاهُ الْحَدِيثُ.
وَإِذَا انْتَهَى الْحَالُ إلَى أَنْ تَقَعَ هَذِهِ الْمَفْسَدَةُ فَيَنْبَغِي أَنْ تُتْرَكَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، دَفْعًا لِهَذِهِ الْمَفْسَدَةِ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي فِعْلَ ذَلِكَ دَائِمًا اقْتِضَاءً قَوِيًّا.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ، فَقَدْ يُتْرَكُ الْمُسْتَحَبُّ لِدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ الْمُتَوَقَّعَةِ.
وَهَذَا الْمَقْصُودُ يَحْصُلُ بِالتَّرْكِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ الْجُهَّالِ، وَمَنْ يُخَافُ مِنْهُ وُقُوعُ هَذَا الِاعْتِقَادِ الْفَاسِدِ.
وكما ترى أخي الكريم أن هذا الكلام شبيه بكلامك والتفت فيه الإمام إلى جهل الجهال كما فعلت أنت وإن كان هو خشي الإعتقاد الفاسد وأنت خشيت إنكار كبار السن.
على كل حال تأمل ما سيقوله الإمام الصنعاني تعقبا لهذا الكلام فإنه كلام يكتب بماء الذهب ,
قال _رحمه الله _: [إنه يتعين إشاعة السنن وتعريف الجاهل لما يجهله وإعلامه بالشريعة , ولا تترك السنة مخافة جهله وما ماتت السنن إلا خيفة العلماء من الجهال , وليس بعذر فإن الله أمر بإبلاغ الشرائع.]
قال الشيخ عبد الله آل بسام _ رحمه الله _ في كتابه (تيسير العلام) تعليقا على كلام الصنعاني: [وكلام الصنعاني وجيه جدا] ا. ه
وقد كنت أود أن أعلق أيضا على كلام أخينا الفاضل أبي يوسف التواب حيث أرى أنه قد جانبه الصواب فيما قال وأرى أن الصواب مع أخينا أبي عمر التميمي وإن كان حفظه الله لم يحسن الاستدلال وعرض حجته ولكني مرهق ومتعب الآن فلعلي أفعل إن شاء الله فيما بعد قريبا.
ـ[محمد العبد]ــــــــ[29 - 06 - 07, 08:23 ص]ـ
بالنسبة لما قاله الأخ الكريم أبو يوسف فأقول أن المفسدة لابد من اعتبارها شرعا فإن أتى دليل على عدم اعتبارها فلاينظر إليها وغاية ما يحتج به الإخوة المتعللون بالإيذاء في هذا المقام هو ما رواه أحمد وأبو داود والبيهقي في السنن الكبرى
(أن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال اعتكف النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة وهو في قبة له فكشف المستورة وقال الا ان كلكم يناجي ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفعن بعضكم على بعض في القراءة في الصلاة *)
ويقيسون الجهر بالذكر على ذلك وذلك خطأ لما يلي:
أولا: أن الذي نهى هاهنا هو نفسه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الذي جاء عنه الجهر بالذكر عقب الصلوات المفروضة مع أن من أصحابه من كان يأتي متأخرا إلى الصلاة مثل حديث (من يتصدق على هذا) وبالرغم من ذلك فلم يرد عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه نهى عن هذا الجهر لكي لايتشتت المسبوق فدل ذلك على أن الشرع لم ينظر لهذه المفسدة وأن المصلحة في الإتيان بالذكر جهرا راجحة.
¥