تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 06 - 07, 12:40 ص]ـ

قال شهاب الدين أحمد الناصري في الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى 3/ 67 - 68:

ومن عجيب سيرته [السلطان محمد بن عبد الله]ـ رحمه الله ـ أنه كان يرى اشتغال طلبة العلم بقراءة المختصرات في فن الفقه وغيره، وإعراضهم عن الأمهات المبسوطة الواضحة = تضييع للأعمار في غير طائل، وكان ينهى عن ذلك غاية، ولا يترك من يقرأ "مختصر خليل" و"مختصر ابن عرفة" وأمثالهما، ويبالغ في التشنيع على من اشتغل بشيء من ذلك، حتى كاد الناس يتركون قراءة "مختصر خليل"، وإنما كان يحض على كتاب "الرسالة" و"التهذيب" وأمثالهما، حتى وضع في ذلك كتابا مبسوطا أعانه عليه أبو عبد الله الغربي وأبو عبد الله المير وغيرهما من أهل مجلسه.

ولما أفضى الأمر إلى السلطان العادل المولى سليمان ـ رحمه الله ـ صار يحض الناس على التمسك بالمختصر، ويبذل على حفظه وتعاطيه الأموال الطائلة، والكل مأجور على نيته وقصده غير أنّا نقول:

الرأي ما رأى السلطان سيدي محمد ـ رحمه الله ـ وقد نص جماعة من أكابر الأعلام النقاد مثل: الإمام الحافظ أبي بكر بن العربي،

والشيخ النظار أبي إسحاق الشاطبي،

والعلامة الواعية أبي زيد عبد الرحمن بن خلدون،

وغيرهم أن سبب نضوب ماء العلم في الإسلام، ونقصان ملكة أهله فيه = إكباب الناس على تعاطي المختصرات الصعبة الفهم، وإعراضهم عن كتب الأقدمين المبسوطة المعاني الواضحة الأدلة، التي تحصل لمطالعها الملكة في أقرب مدة، ولعمري لا يعلم هذا يقينا إلا من جَرّبه وذاقه، وقد تقدم لنا في صدر هذا الكتاب أن ملوك بني عبد المؤمن كانوا يحملون الناس على الرجوع في الأحكام إلى الكتاب والسنة كل ذلك اعتناء بالعلم القديم ومحافظة على أصوله، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

= يتبع

ـ[عبد]ــــــــ[16 - 06 - 07, 01:20 ص]ـ

بارك الله فيك، فوائد عززت رأي ارتأيته، فعلمت أني لست وحدي، أنا مع من حض على جرد المبسوطات الواضحات، والوضوح وعدم التكلف والبعد عن العسر منهج إسلامي أصالةً، و لكن ما العمل مع من فترت عزيمته، وضعفت همته، وهاب الحجم "الكبير" قبل أن يتذوق حلاوة وبساطة ما بداخله، الحل: أن يجرب - كما قال شهاب الدين الناصري آنفا -: (ولعمري لا يعلم هذا يقينا إلا من جَرّبه وذاقه).

ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[16 - 06 - 07, 12:05 م]ـ

بوركت أيها الفاضل على هذا الجمع المميز ...

لكن عند التأمل للأقوال السابقة تجد أن تحذير هؤلاء العلماء الأجلاء

تحذير من التمسك بالمختصرات والاقتصار عليها دون النظر والتمحيص للمطولات ...

والمرء كلما سلك مسلكا وسطا معتدلا وُفِّق للصواب ...

فلا إفراط ولا تفريط ...

فإنه ينبغي لطالب العلم أن يحرص على حفظ المتون المختصرة واستحضارها لأن ذلك سبيل لاستيعاب المسائل وجمع للشتات الحاصل في كثير من المطولات ...

وكذلك ينبغي لطالب العلم أن ينظر في المطولات ويفقه مافيها ...

وما أجمل ماقاله العلامة السعدي-رحمه الله-: ( ... وتعيين مايشتغل به من الكتب يختلف باختلاف الأحوال والبلدان، والحالة التقريبية في نظرنا أن يجتهد طالب العلم في حفظ مختصرات الفن الذي يشتغل به، فإن تعذر أو قصر عليه حفظه لفظا فليكرره كثيرا حتى ترسخ معانيه في قلبه ثم تكون باقي كتب الفن كالتوضيح لأن طالب العلم إذا حفظ الوصول وصار له ملكة تامة في معرفتها هانت عليه كتب الفن كلها)

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[29 - 06 - 07, 05:34 م]ـ

بارك الله فيك ونفع بك

لكن عند التأمل للأقوال السابقة تجد أن تحذير هؤلاء العلماء الأجلاء

تحذير من التمسك بالمختصرات والاقتصار عليها دون النظر والتمحيص للمطولات ...

ليس الأمر بهذا الاطلاق، ولعلك تتأمل كلام ابن خلدون ـ مثلا ـ هل تجد فيه هذا؟

والمرء كلما سلك مسلكا وسطا معتدلا وُفِّق للصواب ...

فلا إفراط ولا تفريط ...

من الذي يحدد هذا المسلك الوسط؟

هل هو المعظم للمختصرات؟ أو النابذ لها؟ أو هو الذي جعلها كما ذكرت؟ أو غير ذلك ...

فإنه ينبغي لطالب العلم أن يحرص على حفظ المتون المختصرة واستحضارها لأن ذلك سبيل لاستيعاب المسائل وجمع للشتات الحاصل في كثير من المطولات ...

هذا اختيار، لا يلزم أن يكون صوابا محضا، ولا أن يكون نافعا لكل أحد، وطرق تحصيل العلم كثيرة سلك الناس منها جملا نفعتهم قبل أن تظهر فكرة المختصرات بل وبعدما ظهرت، وكانوا أحسن حالا من كثير ممن جاء بعدهم.

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[29 - 06 - 07, 05:35 م]ـ

قال العلامة محمد بن الحسن الحجوي في الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي 2/ 146:

في القرن الرابع بدأت فكرة الاختصار والإكثار من جمع الفروع بدون أدلة وشرح تلك المختصرات، فبعدما كانوا في القرن الثالث مصنفين مبتكرين؛كأسد بن الفرات وسحنون، وابنه، والبويطي ومحمد بن الحسن وأمثالهم، صار الحال في القرن الرابع إلى الشرح ثم الاختصار والجمع، فانظر الفضل بن سلمة وابن أبي زمنين وابن أبي زيد والبراذعي اختصروا «المدونة» في عصر متقارب، وهكذا نظراؤهم في عصرهم من المذاهب الأخرى؛ كالمزني حيث اختصر مذهب الشافعي.

والاختصار لا يسلم صاحبه من آفة الإفساد والتحريف فقد اعترض عبد الحق الإشبيلي مواضع من مختصر ابن أبي زيد القيرواني والبراذعي أفسدها الاختصار، وهكذا المزني اعترض عليه ابن سريج كما سبق في ترجمته.

ولا يخفى أن الاشتغال بإصلاح ما فسد هو غير الاشتغال بالعلم نفسه؛ فالرزية كل الرزية ما حال بين المسلمين وبين نصوص نبيهم وكلام ربهم، والرزية كل الرزية في الاشتغال بالمختصرات، فالاختصار والتوسع في جمع الفروع من غير التفات للأدلة هو الذي أوجب الكهولة؛ بل القرب من الشيخوخة التي دخل فيها الفقه في القرون الآتية، فالفقه بقي مدة قرنين متماسكا كهلا قويا، ولله عاقبة الأمور.

= يتبع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير