تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ونبينا الذي نقل لنا هذه الحادثة وأمثالها من الحوادث الأخرى أيمكن أن يتصرف إلا هكذا .. ؟ وظهر فيما بعد في أمته أشخاص عندما يُمدحون يقال عنهم: إنه لا يؤذي حتى نملة. هؤلاء الأشخاص كانوا يعلقون أجراساً صغيرة على أقدامهم لكي تبتعد الحشرات عن طريقهم عند سماعها لصوت الأجراس، ولا تنسحق تحت الأقدام ... يا إلهي .. ! ما هذه الشفقة العميقة والشاملة!! وما هذا الأنموذج الرائع للرحمة .. !.

أجل، حتى النمل لم تخرج عن دائرة رحمته صلى الله عليه وسلم ولم تستثنَ منها. وهل يكون في مقدور إنسان يتحرج عن سحق نملة القيام بظلم الناس الآخرين؟ كلا، لا يستطيع هذا عن علم وعن قصد أبداً.

عندما كان صلى الله عليه وسلم في "مِنًى" خرجت حية من بين بعض الصخور، فأسرع بعض الصحابة لقتلها، غير أنها استطاعت أن تنسلّ بين شقوق الصخور، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يراقب المنظر عن بُعد: "وقاها الله شرّكم، ووقاكم شرّها" [3].

فالرسول كان يرى فيما هم به الصحابة شراًّ، والمقتول وإن كان حية إلا أن لها مكانًا أيضاً في نظام هذه الدنيا. فأي قتل غير ضروري سيضر بالتوازن البيئي، ويؤدي إلى أضرار لا يمكن تلافيها. والحقيقة أن إعلان الحرب على الحشرات باسم الزراعة والمحافظة عليها، يُعَدّ جريمة بالنسبة للتوازن البيئي، والغريب أن هذه الجرائم ترتكب اليوم باسم العلم.

يروي ابن عباس رضي الله عنه: أن رجلاً أضجع شاة يريد أن يذبحها، وهو يحد شفرته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هلاَّ حددتَ شفرتك قبل أن تضجعها". [4] كان هذا بمثابة عتاب لذلك الشخص.

يروي عبد الله بن جعفر رضي الله عنه: جاء بعير يشتد حتى سجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قام بين يديه، فذرفت عيناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صاحب هذا البعير؟ " قالوا: فلان. فقال "ادعوه، فأتوا به"، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "يشكوك" فقال: يا رسول الله، هذا البعير كنا نسنو عليه منذ عشرين سنة، ثم أردنا نحره.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شكا ذلك، بئسما جازيتموه، استعملتموه عشرين سنة حتى إذا أرق عظمه، ورق جلده أردتم نحره بعينه" قال: بل هو لك يا رسول الله. فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجه نحو الظهر، أي الإبل [5]. ـ

ــــــــــــــــــــــــــــ

[1] أبو داود، الأدب، 164، الجهاد، 112؛ "المسند" للإمام أحمد 1/ 404

[2] البخاري، الجهاد، 153؛ مسلم، السلام، 148

[3] البخاري، جزاء الصيد، 7؛ مسلم، السلام، 137؛ النسائي، الحج، 114؛ "المسند" للإمام أحمد 1/ 385

[4] المستدرك، للحاكم 4/ 231، 233

[5] مجمع الزوائد، للهيثمي 9/ 9؛ "الخصائص الكبرى" للسيوطي 2/ 95

ـ[طالبة العلم سارة]ــــــــ[22 - 06 - 07, 06:41 ص]ـ

مكرر

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير