تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلّه مَفْرُوض فِي قَدْرٍ يَسِيرٍ يُعْلَم رِضَا الْمَالِك بِهِ فِي الْعَادَة، فَإِنْ زَادَ عَلَى الْمُتَعَارَف لَمْ يَجُزْ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَة مِنْ طَعَام بَيْتهَا غَيْر مُفْسِدَة) فَأَشَارَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنَّهُ قَدْر يُعْلَم رِضَا الزَّوْج بِهِ فِي الْعَادَة، وَنَبَّهَ بِالطَّعَامِ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُسْمَح بِهِ فِي الْعَادَة بِخِلَافِ الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير فِي حَقّ أَكْثَر النَّاس، وَفِي كَثِير مِنْ الْأَحْوَال." انتهى كلامه

، ولم يشترط مثلا في الصدقة من مالها الخاص كما في الحديث المتفق عليه: " عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ

شَهِدْتُ الْفِطْرَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يُصَلُّونَهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ يُخْطَبُ بَعْدُ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ يُجَلِّسُ بِيَدِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ حَتَّى جَاءَ النِّسَاءَ مَعَهُ بِلَالٌ فَقَالَ

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ}

الْآيَةَ ثُمَّ قَالَ حِينَ فَرَغَ مِنْهَا آنْتُنَّ عَلَى ذَلِكِ قَالَتْ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا نَعَمْ - لَا يَدْرِي حَسَنٌ مَنْ هِيَ - قَالَ فَتَصَدَّقْنَ فَبَسَطَ بِلَالٌ ثَوْبَهُ ثُمَّ قَالَ هَلُمَّ لَكُنَّ فِدَاءٌ أَبِي وَأُمِّي فَيُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ

قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الْفَتَخُ الْخَوَاتِيمُ الْعِظَامُ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ

قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث: " وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ صَدَقَةِ الْمَرْأَةِ مِنْ مَالِهَا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إِذْنِ زَوْجِهَا أَوْ عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَالِهَا كَالثُّلُثِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ الْقِصَّةِ تَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَلَا يُقَالُ فِي هَذَا إِنَّ أَزْوَاجَهُنَّ كَانُوا حُضُورًا لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُنْقَلْ وَلَوْ نُقِلَ فَلَيْسَ فِيهِ تَسْلِيمُ أَزْوَاجِهِنَّ لَهُنَّ ذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ الْحَقُّ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ حَتَّى يُصَرَّحَ بِإِسْقَاطِهِ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ الْقَوْمَ صَرَّحُوا بِذَلِكَ ا ه: وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ الثُّلُثِ فَمَا دُونَهُ فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهُنَّ لَا يَجُوزُ لَهُنَّ التَّصَرُّفُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الزِّيَادَةِ "

* وقال ابن حجر رحمه الله في شرحه لحديث نهي المرأة عن الصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه: " وَحَمَل الْمُهَلَّب النَّهْي الْمَذْكُور عَلَى التَّنْزِيه فَقَالَ: هُوَ مِنْ حُسْنِ الْمُعَاشَرَة، وَلَهَا أَنْ تَفْعَل مِنْ غَيْر الْفَرَائِض بِغَيْرِ إِذْنه مَا لَا يَضُرّهُ وَلَا يَمْنَعهُ مِنْ وَاجِبَاته، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبْطِل شَيْئًا مِنْ طَاعَة اللَّه إِذَا دَخَلْت فِيهِ بِغَيْرِ إِذْنه ا ه، وَهُوَ خِلَاف الظَّاهِر. وَفِي الْحَدِيث أَنَّ حَقّ الزَّوْج آكَد عَلَى الْمَرْأَة مِنْ التَّطَوُّع بِالْخَيْرِ، لِأَنَّ حَقّه وَاجِب وَالْقِيَام بِالْوَاجِبِ مُقَدَّم عَلَى الْقِيَام بِالتَّطَوُّعِ." انتهى

إلا أنه ينبغي استئذانه من باب حسن العشرة لا من باب الوجوب، فقد روي أبو داود رحمه الله في سننه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ أَمْرٌ فِي مَالِهَا إِذَا مَلَكَ زَوْجُهَا عِصْمَتَهَا

* قال صاحب عون المعبود: "أَيْ فِي مَال فِي يَدهَا لِزَوْجِهَا أُضِيفَ إِلَيْهَا مَجَازًا لِكَوْنِهِ فِي تَصَرُّفهَا فَيَكُون النَّهْي لِلتَّحْرِيمِ، أَوْ الْمُرَاد مَال نَفْسهَا لِكَوْنِهِنَّ نَاقِصَات الْعَقْل فَلَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَتَصَرَّف فِي مَالهَا إِلَّا بِمَشُورَةِ زَوْجهَا أَدَبًا وَاسْتِحْبَابًا، فَالنَّهْي لِلتَّنْزِيهِ، كَذَا قَالَهُ بَعْض الْعُلَمَاء.

وَفِي النَّيْل: وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوز لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعْطِي عَطِيَّة مِنْ مَالهَا بِغَيْرِ إِذْن زَوْجهَا وَلَوْ كَانَتْ رَشِيدَة، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ اللَّيْث: لَا يَجُوز لَهَا ذَلِكَ مُطْلَقًا لَا فِي الثُّلُث وَلَا فِيمَا دُونه إِلَّا فِي الشَّيْء التَّافِه. وَقَالَ طَاوُسٌ وَمَالِك: إِنَّهُ يَجُوز لَهَا أَنْ تُعْطِيَ مَالهَا بِغَيْرِ إِذْنه فِي الثُّلُث لَا فِيمَا فَوْقه فَلَا يَجُوز إِلَّا بِإِذْنِهِ. وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى أَنَّهُ يَجُوز لَهَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْر إِذْن مِنْ الزَّوْج إِذَا لَمْ تَكُنْ سَفِيهَة، فَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَة لَمْ يَجُزْ. قَالَ فِي الْفَتْح: وَأَدِلَّة الْجُمْهُور مِنْ الْكِتَاب وَالسُّنَّة كَثِيرَة. اِنْتَهَى مَا فِي النَّيْل "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير