ـ[توبة]ــــــــ[02 - 07 - 07, 03:30 ص]ـ
لقد عاودت قراءة ما نقلتموه مرة تلو الأخرى، وكأني بكلام الشيخ رحمه الله تعالى، يرد بعضه بعضا،فقد أكد مواقف الأئمة الأربعة في عدم حجية ترك المستحب لأجل مخالفة أهل البدع،فالأخذ من مصدر من مصادر التشريع في أمر فيه اختلاف بين الفقهاء، وقد رجح عندهم رأي في العمل به، وأن يأخذ به أيضا أهل البدع ليس حجة في تركه.
وحتى في نقله عن الإمامين مالك والشافعي عن رأيهم بعدم صحة إفراد الصلاة على غير النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -،فلأسباب أخرى قد بينها في كلامه،
ثم بعد كل هذه النقولات عن مواقف الأئمة والفقهاء واختلافهم في هذه المسألة بين مؤيد وعارض،
يقول في آخر كلامه أن ما عليه سائر الأئمة، أنه اذا كان في فعل مستحب مفسدة راجحة لم يصر مستحبا،ولكن لأمر عارض.
هذا عن نص ابن تيمية وما فهمته منه.
و قد وجدت نقولات أخرى لأهل السنة، من ذهبوا مذهب الشيخ ابن تيمية، وأيدو موقفه في ترك المستحب مخالفة لأهل البدع بحجة التميز عنهم والإبتعاد عن مواطن الشبهة، وهذه بعضها:
قال ابن حجر في فتح الباري: اختُلف في السلام على غير الأنبياء، بعد الاتفاق على مشروعيته في تحية الحي، فقيل: يشرع مطلقاً. وقيل: بل تبعاً، ولا يُفرد لواحد، لكونه صار شعاراً للرافضة. ونقله النووي عن الشيخ أبي محمد الجويني.
وقال الزمخشري في الكشاف: القياس جواز الصلاة على كل مؤمن لقوله تعالى (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ) وقوله تعالى (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهمْ) وقوله (ص): اللهم صلِّ على آل أبي أوفى. ولكن للعلماء تفصيلاً في ذلك، وهو أنها إن كانت على سبيل التبع كقولك: (صلى الله على النبي وآله) فلا كلام فيها، وأما إذا أُفرد غيره من أهل البيت بالصلاة كما يُفرد هو فمكروه، لأن ذلك صار شعاراً لذِكر رسول الله (ص)، ولأنه يؤدِّي إلى الاتهام بالرفض.
وقال مصنّف كتاب الهداية وهو من الأحناف: المشروع التختم في اليمين، لكن لمَّا اتّخذته الرافضة عادة جعلنا التختم في اليسار.
وقال الرافعي في فتح العزيز: ثم الأفضل في شكل القبر التسطيح أو التسنيم. ظاهر المذهب أن التسطيح أفضل، وقال مالك وأبو حنيفة رحمهم الله: التسنيم أفضل. لنا أن النبي (ص) سطح قبر ابنه إبراهيم، وعن القاسم بن محمد قال: (رأيت قبر النبي (ص) وأبي بكر وعمر (رض) مُسَطَّحة)، وقال ابن أبي هريرة: إن الأفضل الآن العدول من التسطيح إلى التسنيم، لأن التسطيح صار شعاراً للروافض، فالأولى مخالفتهم وصيانة الميت وأهله عن الاتهام بالبدعة، ومثله ما حكي عنه أن الجهر بالتسمية إذا صار في موضع شعاراً لهم فالمستحب الإسرار بها مخالفة لهم.
وقال محمد بن عبد الرحمن الدمشقي في كتابه (رحمة الأمة في اختلاف الأئمة): السُّنَّة في القبر التسطيح، وهو أولى من التسنيم على الراجح من مذهب الشافعي، وقال الثلاثة [أبو حنيفة ومالك وأحمد]: التسنيم أولى، لأن التسطيح صار من شعائر الشيعة.
وقال الحافظ العراقي في بيان كيفية إسدال طرف العمامة: فهل المشروع إرخاؤه
من الجانب الأيسر كما هو المعتاد، أو الأيمن لشرفه؟ لم أرَ ما يدل على تعيين الأيمن إلا فحديث ضعيف عند الطبراني، وبتقدير ثبوته فلعله كان يرخيها من الجانب الأيمن، ثم يردّها إلى الجانب الأيسر كما يفعله بعضهم، إلا أنه صار شعار الإمامية، فينبغي تجنّبه لترك التشبّه بهم.
وقال عبد الله المغربي المالكي في كتابه (المعلم بفوائد مسلم): إن زيداً كبَّر خمساً على جنازة، قال: وكان رسول الله (ص) يُكبِّرها. وهذا المذهب الآن متروك، لأنه صار علَماً على القول بالرفض.
وفي التذكرة: قال الشافعي وأحمد والحكَم: المسح على الخفّين أولى من الغسل، لما فيه من مخالفة الشيعة
وقال إسماعيل البروسوي في تفسيره (روح البيان) عند ذِكر يوم عاشوراء: قال في عقد الدرر واللآلىء: ولا ينبغي للمؤمن أن يتشبَّه بيزيد الملعون في بعض الأفعال، وبالشيعة الروافض والخوارج أيضاً، يعني لا يجعل ذلك اليوم يوم عيد أو يوم مأتم، فمن اكتحل يوم عاشوراء فقد تشبَّه بيزيد الملعون وقومه، وإن كان للاكتحال في ذلك اليوم أصل صحيح، فإن ترك السُّنّة سُنّة إذا كانت شعاراً لأهل البدعة، كالتختم باليمين، فإنه في الأصل سُنة، لكنه لما صار شعار أهل البدعة والظلمة صارت السُّنة أن يُجعَل الخاتم في خنصر اليد اليسرى في زماننا، كما في شرح القهستاني
والغريب أني وجدت هذه النقولات خلال بحثي،في الكثير من كتب الشيعة ومنتدياتهم،ضمن ادعاءاتهم على أهل السنة.
سؤالي هو:"وأظن أنه يحق لي تكرار السؤال"
لو كان الأمر الذي جُعل علامة عند أهل البدع،من المباح عند أهل السنة، فتركه أولى مخالفة للتشبه بهم والوقوع محل الشبهة، كلباس معين او المداومة على لون معين،أو دعاء معين وغيرها،ممّا لم يثبت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قولا أو فعلا.
ولكن أن يكون الأمر سنة أو مستحبا،فأين محل الشبهة إذا أتى به من قصد اتباع سنة النبي و تحصيل الثواب لا غير، حتى لو صار أمارة عند أهل البدع فهم لم يحدثوه وانما اختاروا العمل به سواء قصد اتباع سنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أو لأنه وافق هوى من أهوائهم، وليس الأمر كذلك عند أهل السنة،
(على رأي الإمام أحمد رحمه الله: عندي أحد عشر حديثا صحاحا عن النبي صلى الله عليه وسلم أتركها لقولك!)
¥