تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأيضًا فقوله: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) وقوله: (حم - تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) وقوله: (حم - تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وأمثال ذلك يدل على أنه منزل من الله لا من غيره. وكذلك قوله تعالى: (بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ) (269) فانه يدل على أنه مبلغ ما أنزل إليه من ربه وأنه مأمور بتبليغ ذلك.

وأيضًا فهم يقولون: انه معنى واحد. فان كان موسى سمع جميع المعنى فقد سمع جميع كلام الله، وان كان قد سمع البعض فقد استمع بعضه فقد تبعض وكلاهما ينقض قولهم، فانهم يقولون أنه معنى واحد لا يتعدد ولا يتبعض، فان كان ما سمعه موسى والملائكة هو ذلك المعنى كله كان كل منهم علم جميع كلام الله، وكلامه متضمن لجميع خبره وجميع أَمره، فيلزم كلام الله، وكلامه متضمن لجميع خبره وجميع أمره، فيلزم أَن يكون كل واحد ممن كلمه الله وأَنزل عليه شيئًا من كلامه عالمًا بجميع اخبار الله وأَوامره، وهذا معلوم الفساد بالضرورة وان كان الواحد من هؤلاء إنما سمع بعضه فقد تبعض كلامه وذلك يناقض قولهم.

وأَيضًا قوله: (وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) وقوله: (وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا) (270) وقوله: (وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ) (271) وقوله: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي) الآيات (272) دليل على تكليم موسى، والمعنى المجرد لا يسمع بالضرورة، ومن قال أنه يسمع فهو مكابر. ودليل على أنه ناداه والنداءُ لا يكون إلا صوتًا مسموعًا، لا يعقل في لغة العرب لفظ النداء بغير صوت مسموع لا حقيقة ولا مجازا، وقد قال تعالى (فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ) إلى قوله: (رَبِّ الْعَالَمِينَ) (273)

وأَيضًا فقوله: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى - إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) (274) وفي هذا دليل على أنه حينئذ نودي ولم يناد قبل ذلك، ولَمَّا فيها من معنى الظرف كما في قوله: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ) (275) ومثل هذا قوله: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ) (276) (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) (277) فانه وَقَّتَ النداءَ بظرف محدود، فدل على أَن النداءَ يقع في ذلك الحين دون غيره، وجعل الظرف للنداء لا يسمع النداءُ إلا فيه، ومثل هذا قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) (278) وقوله: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ) (279) وأمثال ذلك مما فيه توقيت بعض أَقوال الرب بوقت معين.

فان الكلابية ومن وافقهم من أَصحاب الأَئمة الأَربعة يقولون: انه لا يتكلم بمشيئته وقدرته، بل الكلام المعين لازم لذاته كلزوم الحياة لذاته. ومن هؤلاء من قال: انه معنى واحد لأَن الحروف والأًصوات متعاقبة يمتنع أَن تكون قديمة. ومنهم من قال: بل الحروف والأصوات قديمة الاعيان وأنها مترتبة في مقارنة وجودها لم تزل ولا تزال قائمة بذاته. ومنهم من قال: بل الحروف قديمة الأَعيان بخلاف الأَصوات. وكل هؤلاء يقولون: ان التكليم والنداءَ ليس إلا مجرد خلق ادراك في المخلوق بحيث يسمع ما لم يزل ولا يزال، لا أَنه يكون هناك كلام يتكلم الله به بمشيئته وقدرته ولا تكليم، بل تكليمه عندهم جعل العبد سامعًا لما كان موجودًا قبل سمعه، بمنزلة ما يجعل الأَعمى بصيرا لما كان موجودًا قبل رؤيته من غير احداث شيء منفصل عنه، فعندهم لما جاءَ موسى لميقات ربه سمع النداءَ القديم لا أَنه حينئذ نودي، ولهذا يقولون: انه يُسْمِعُ كلامَه لخلقه بدل قول الناس يُكَلِّمُ خلقه. وهؤلاء يردون على الخليقة الذين يقولون أن القرآن مخلوق، ويقولون عن أَنفسهم أَنهمخ أَهل السنة الموافقون للسلف الذين يقولون القرآن كلام الله غير مخلوق، وليس قولهم قول السلف، لكن قولهم أَقرب إلى السلف من وجه. أَما كون قولهم أَقرب فلأَنهم يقولون أَن الله يتكلم بمشيئته وقدرته، وهذا قول السلف. وهؤلاء عندهم لا يقدر الله على شيء من كلامه فليس كلامه بمشيئته واختياره بل كلامه عندهم كحياته، وهم يقولون: الكلام عندنا صفة ذات لا صفة فعل. والخلقية يقولون: صفة فعل، لا صفة ذات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير