تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من فوائد أسئلة طلبة العلم في شرح زاد المستقنع لشيخنا محمد الشنقيطي]

ـ[أبو معاذ اليمني]ــــــــ[14 - 11 - 07, 12:21 م]ـ

الحكمة في عدم جواز تطهر الرجل بفضل طهور المرأة

السؤال

في مسألة إذا خلت المرأة بالماء، ما الحكمة في عدم جوازه في هذه الحالة فقط؟

الجواب

على الله الأمر، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا الرضا والتسليم: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء:65]، وليس هذا فقط، بل: {ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} [النساء:65] أي حرج، فجاءت نكرة، والنكرة تفيد العموم في أساليب العرب: {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65] فنسأل الله أن يرزقنا التسليم، فالتسليم هو: الإسلام، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: إن الإسلام هو الاستسلام لله.

فمن استسلامك لله إذا جاءك الخبر أن تقول: سمعت وأطعت كما قال أبو هريرة لـ ابن عباس: (يا ابن أخي! إذا سمعت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تضرب له الأمثال) بمجرد ما يصح الخبر ضع رأسك في التراب وقل: سمعت وأطعت غفرانك ربنا وإليك المصير.

وسبحان الله ما سلم عبد لنص كتاب أو سنة إلا جعل الله له فرجاً ومخرجاً، ولذلك شق على الصحابة قول الله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة:284] وعظم عليهم هذا الأمر؛ لأن قلوبهم تعامل الله وتعبده، فخافوا مما أكنوا ومما أظهروا أن يحاسبهم الله به، فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: (يا رسول الله! إن الله يقول كذا وكذا، -فشق عليهم الأمر- فقال صلوات الله وسلامه عليه: ما زدتم على ما قالت بنو إسرائيل) يعني: كونكم تعترضون وتستثقلون هذا الحكم على أنفسكم، ما يجعلكم أنتم وبني إسرائيل إلا سواء، فقال: (قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، فنزل جبريل من السماء بالتخفيف والتسهيل: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:286] قال الله: قد فعلت) كما في الصحيح.

إذاً: إذا جاءك الحكم وقيل لك: يا فلان لا يجوز؛ لأن الله قال أو رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقل: سمعت وأطعت، ولا تزيد ولا تنقص على هذه الكلمة، وبإذن الله سيجعل الله لك فرجاً ومخرجاً.

ولكن ما أن يقول العبد -والعياذ بالله-: كيف هذا؟ لا ما يمكن! كيف يفتيك العالم الفلاني بعدم الجواز؟ هذا ما نقبله!! فيرد السنة والنقل بالعقل فهذا هو العار والشنار وخزي الدنيا والآخرة، وربما أفضى إلى النار وبئس القرار.

لا يجوز تحكيم الأهواء والآراء في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم بل بمجرد ما يأتيك الشيء استسلم لله، فإن الاستسلام مظنة الفرج، ألا ترى إبراهيم عليه السلام قال الله عنه: {فَلَمَّا أَسْلَمَا} [الصافات:103] استسلم لأمر الله، ما قال: يا رب! كيف أقتل ابني فلذة كبدي؟ ولكن جاء الأمر فقال: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات:102] فجاء الابن الصالح: {قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات:102] إذا كان الله أمر فأنا مستسلم، حتى ورد في الخبر أنه قال: يا أبت أكفأني على وجهي، حتى لا تدرك عطف الأبوة وحنان الأب فلا تأتمر بأمر الله: {فَلَمَّا أَسْلَمَا} [الصافات:103] استسلم لله، {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الصافات:103 - 105].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير