تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خطأٌ منْهجيٌّ عندَ بعضِ طلابِ علمِ الحديث "المبتدئين" ..

ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[28 - 10 - 07, 10:51 م]ـ

الحمدُ للهِ وحدَه، والصلاةُ والسلامُ على من لا نبي بعده ..

أمَّا بعد ..

فمِن المتقرر ـ عند أهل العلم ـ أن (علمَ الحديث) من أدقِّ العلومِ وأعمقها، وأشرف الفنونِ وأسمقها .. لهُ المنزلةُ الشريفة، والرُّتبةُ المنيفة ..

فلا لومَ على طالبٍ علتْ همَّتُه لدراسته؛ حفظاً وتفقُّهاً ..

ولا عَتَبَ على مُعْتَنٍ به وجمَّاعٍ لأسفاره؛ حِرصاً على الفوائدِ لا تكثُّراً أو تفكُّهاً ..

بلْ طالبُه محمودٌ مُطلقاً بشرطِ الإطلاق، ومن أخلصَ فيه للهِ حلَّق في الآفاق ..

إذ فيه (أصولُ السُنَّة)، و (تمام المنَّة) ..

وثمَّة خللٌ منهجي بدأ يستشري بين الطلاب المبتدئين في علم الحديثِ، بسعْيٍ حثيث ..

لمْ أرَ من نبَّه عليه من فضلاء الأعضاء المُتخصصين إلاَّ شاراتٍ مغمورةٍ في بطون المشاركات ..

فأحببتُ النُّصح؛ تطفلاً على موائدِ الكبار، فواللهُ لستُ من القوم، ولكني أرجو .. فـ (همُ القوم لا يشقى بهم جليسهم)!

والخللَ يمكن أن يُصاغ في النِّقاط التالية:

- أولاً: التخصصُ الحديثيُّ المُبكِّر.

وأعني بذلك: البَدءَ في طلب (علم الحديث) بدايةً جادَّة قبلَ التأصيل والتأسيس الفُنُونيّ، مما يُفرِزُ تصرّفاتٍ علميةٍ مشينة.

فيبدأ بعضُ الطلاب بدراسة المصطلحِ، وبحفظ المتون وبعض الأسانيد .... قبل البدء بالضروريِّ من الفنون؛ كالاعتقاد، وما لا يسعُ المسلمَ جهله، وأصول الفقه، واللغة العربية ...

ولستُ أنسى ذلك الطالبَ المتحمس في الطلب يومَ بدأ في قراءةِ (علوم الحديث) لابن الصلاح، وقرأ أن التعبير بـ (معلول) مرذول في اللغة، فبدأ ينقّبُ ويبحثُ ويتصلُ على الشيوخ طالباً اللفظَ الصحيحَ لهذا المعنى .. فذهبَ وقتُه في البحثِ عن هذه الجزئية .. ففترت همته، ولانت عزيمته ..

إنَّ (علمَ الحديث) لا يمكنُ لمُدَّعٍ أن يقول: إنه يمكنُ الاجتهاد فيه روايةً ودرايةً قبل التأصيل العلمي في الضروريّ من الفنون، ولا أعني بذلك التحقيقُ لها.

فلابد لطالب علم الحديث أن يتأصل علمياً قبل البدء في التخصص الحديثي.

- ثانياً: الجُرْأةُ المبكِّرةُ في نقدِ الأحاديثِ (سنداً ومتناً) ..

وهذا ـ غالباً ـ نتيجةٌ للأوَّل ..

حتى أصبح ـ واللهُ المستعان ـ من الكلماتِ المَلُوكَةِ في الألسن: [هذا الحديثُ ضعيف السند، منكر المتن]!!

لأدنى مخالفةٍ يعلمُ بها ـ لا سيما القول بنكارةِ المتن ـ ..

فهذه الإطلاقاتُ ينبغي أن لا يعانيها إلاَّ العلماءُ الراسخون .. فبعض الطلبة ينكرُ متناً ـ مدعياً ـ أنه يخالف اللغة، أو مقاصد الشرع، ......

وعند التحقيق يظهر أنَّ هذا تعالمٌ لا مستند له.

- ثالثاً: التقصيرُ في الاطلاع على أقاويل العلماء (سلفاً وخلفاً):

فيأتي بالفُهُومِ المُحدثة، والاستنباطات الغريبة، وإذا ناظرتَه مبيناً له مُرادَ أهل العلم في فهمِ هذا الحديث، قال: سُبحان اللهِ!

أأدعُ قول رسول الله لفهمِ فلانٍ أو علان؟!

والحقُ أنه احتج بفهمه المتأخر لا بالحديث نفسه! ..

ينتجُ عن هذا:

- رابعاً: قِصَرُ النظر في التعامل مع ما تتضمنه الأحاديث الضعيفة.

فالضعيفُ ضعيفٌ؛ لكنَّ أهل العلمِ قدْ يردُّون الحديثَ روايةً ويقبلونه دراية .. ولهذا شواهدُ كثيرةٌ الاعتمادُ فيها على أصولٍ أُخرى. وبعضها مُجمعٌ عليه.

والمهمُ في هذا الصدد إنكارُ بعضِ الطلاب بعضَ الأعمالِ؛ محتجاً بضعف الحديث ..

حتى سمعنا ـ وللأسف ـ من يقول لبعض المحسنين: حديث (من فطَّر صائماً فله مثل أجره .... ) حديثٌ ضعيف!!

نعم؛ قد يكون الراجحُ فيه الضعف، لكن أين الاعتباراتُ الأخرى؟!

أينَ المتون المُشرقة: (وكان أجودَ ما يكون في رمضان) .. ؟

أين نصوص الإحسان المتواترة .. ؟

أين مقاصد الشريعة؟

إنَّ الظنَّ بالله أن الأجر قد يكون أعظمَ من كونه مثلَ أجر الصائم فحسب.

كلُّ هذا بسبب الخلل المنهجي الناقص.

والمنهجُ السليمُ لبناءِ منهجٍ متكاملٍ هو التأصيل العلمي على أهل العلم الراسخين، والتأمل والتحري والتريث، وعدم تشبع الإنسان بما لم يعطه، وترك الحوم حول الكلمات الرنَّانة لمن لم ترسخ قدمه في هذا العلم الجليل:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير