تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[معنى "الماهر بالقرآن"هل إتقان الحفظ أم إتفان التلاوة]

ـ[أبوالبراء الفلسطيني]ــــــــ[28 - 10 - 07, 03:57 ص]ـ

اختلف أهل العلم في تحديد معنى "الماهر بالقرآن" هل تطلق على الحافظ المتقن لحفظه فلا يكادُ يخطئ في سَرْده الغيبي أم تطلق على متقن التلاوة وإن لم يكن حافظا للقرآن كله؟

بمعنى أخر:

هل المراد إتقان التلاوة بالأحكام أو إتقان الحفظ للقرآن؟

وقبل بيان القول الراجح الذي أراه صوابا في هذه المسألة, نطوف بكم على أقوال العلماء المختلفة, في هذه المسألة ,وفي الإطلاع عليه مزيد فوائد:

قال النووي رحمه الله:

"وَأَمَّا الَّذِي يَتَتَعْتَع فِيهِ, فَهُوَ الَّذِي يَتَرَدَّد فِي تِلاوَته, لِضَعْفِ حِفْظه ,فَلَهُ أَجْرَانِ: أَجْر

بِالْقِرَاءَةِ , وَأَجْر بِتَتَعْتُعِهِ فِي تِلاوَته وَمَشَقَّته اهـ.

ويقول الحافظ ابن حجر في فتح الباري:

قَوْله (بَاب قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاهِر)

"أَيْ الْحَاذِق وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا جَوْدَة التِّلَاوَة مَعَ حُسْنِ الْحِفْظ.

قَالَ الْقُرْطُبِيّ الْمَاهِر: الْحَاذِق وَأَصْله الْحِذْق بِالسِّبَاحَةِ، قَالَهُ الْهَرَوِيُّ وَالْمُرَاد بِالْمَهَارَةِ بِالْقُرْآنِ جَوْدَة الْحِفْظ وَجَوْدَة التِّلَاوَة مِنْ غَيْر تَرَدُّد فِيهِ لِكَوْنِهِ يَسَّرَهُ اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ كَمَا يَسَّرَهُ عَلَى الْمَلَائِكَة فَكَانَ مِثْلهَا فِي الْحِفْظ وَالدَّرَجَة".

وفي شرح ابن بطال لصحيح البخاري -وهو شرح مفيدٌ فيه فوائد غير مذكورة في الفتح -:

"قال المهلب: المهارة بالقرآن: جودة التلاوة له بجودة الحفظ، فلا يتلعثم فى قراءته، ولا يتغير لسانه بتشكك في حرف أو قصة مختلفةِ النصِ، وتكون قراءته سمحة بتيسير الله له كما يسره على الملائكة الكرام البررة، فهو معها في مثل حالها من الحفظ، وتيسير التلاوة، وفى درجة الأجر إن شاء الله، فيكون بالمهارة عنده كريمًا برًا، وكأن البخاري أشار بهذه الترجمة وما ضَمَّنها من الأحاديث في حُسن الصوت، إلى أنَّ الماهر بالقرآن هو الحافظ له مع حسن الصوت به، ألا تراه أدخل بأثر ذِكر الماهر قوله - صلى الله عليه وسلم - «زينوا القرآن بأصواتكم» فأحال - صلى الله عليه وسلم - على الأصوات التي تتزين بها التلاوة في الأسماع، لا الأصوات التي تمجها الأسماع لإنكارها، وجفائها على حاسة السمع، وتألمها بقرع الصوت المنكر وقد قال تعالى: {إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: 19] لجهارته والله أعلم وشدة قرعه للسمع، وفى إتباعه أيضًا لهذا المعنى بقوله: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن» ما يقوى قولنا ويشهد له، وقد تقدم في فضائل القرآن، ونزيده هاهنا وضوحًا، فنقول: إن الجهر المراد في قوله: «يجهر به» هو إخراج الحروف فى التلاوة عن مساق المحادثة بالأخبار، بإلذاذ أسماعهم بحسن الصوت وترجيعه لا الجهر المنهي عنه الجافي على السامع، كما قال عز وجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [الإسراء: 110]، وكما قال تعالى في النبي: {وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} [الحجرات: 2]، وقوله: {أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2]، دليل أن رفع الصوت على المتكلم بأكثر من صوته من الأذى له، والأذى خطيئة. .......... فيضاعف الأجر لمن يشتد عليه حفظ القرآن فيعطى بكل حرف عشرون حسنة، ولأجر الماهر أضعاف هذا إلى ما لا يعلم مقداره؛ لأنه مساوٍ للسفرة الكرام البررة، وهم الملائكة» وفى هذا تفضيل الملائكة على بني آدم، وقد تقدم.

............ قال المهلب: وأما حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ القرآن ورأسه في حجرها وهى حائض، ففيه معنى ما ترجم به من معنى المهارة بالقرآن؛ لأنه كان قد يسرّ الله عليه قراءته حتى كان يقرأه على كل أحواله لا يحتاج أن يتهيأ له بقعود، ولا بإحضار حفظه؛ لاستحكامه فيه، فلا يخاف عليه توقفًا؛ فلذلك كان يقرؤه راكبًا وماشيًا وقاعدًا وقائمًا ولا يتأهب لقوة حفظه ومهارته - صلى الله عليه وسلم –"

ويقول ابن الجوزي في "غريب الحديث" له

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير