2 - إن هذا العقد مبناه على الإرفاق و التوسعة و الإحسان ففي أخذ العوض لقاءه دفع لمقصد الشارع منه؟
3 - أنه في بعض حالات الضمان ستوفى المضمون له من المضمون عنه فيكون أخذ الضامن للعوض بلا حق وهذا باطل لأنه من أكل المال بالباطل. وفي خطاب الضمان الابتدائي أو المستندي مثلاً يستوفى المضمون له المستفيد من العميل لا من البنك.
و ها هنا تنبيهان:-
الأول: جرى في القواعد الفقهية قوله: الأجر والضمان لا يجتمعان. وهذه القاعدة ليست مما نحن فيه من أحكام الضمان لأن الضمان هنا يقصد به (ضمان المتلفات).
الثاني: جرى في القواعد الفقهية لهم قولهم: (ليس كل ما جاز فعله جاز إعطاء العوض عليه) بل فيه ما يجوز كالجعالة على رد الآبق. وما يمتنع كالعوض على الضمان و اللهو المباح و نحو ذلك. كما جاء في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 30/ 215 - 216.
النتيجة
أن خطاب الضمان من حيث العطاء له من قبل العميل ثلاثة أحوال:
1 - خطاب ضمان ليس له عطاء البتة:
فهذا ينسحب عليه ما قرره جمهور العلماء من منع العوض على الضمان فهكذا في هذه الحال من خطابات الضمان.
2 - خطاب ضمان له عطاء كامل من العميل:
فهذه الحالة و الله أعلم لا يظهر في العوض عليها ما يمنع في حق الضامن أو المضمون عنه لأن هذا العوض (العمولة) مقابل الخدمات الإجرائية ففي حال دفع البنك للمستفيد فهو من مال المضمون عنه و في حال عدم دفعه فهو مقابل حفظه لماله و خدماته لذلك.
3 - خطاب ضمان قد صار الغطاء لنسبة منه:
فهذه تنسحب عليها أحكام الحالتين قبلها فيجوز فيما قابل المغطى لا فيما لم يقابله – و الله أعلم -.
و أختم هذا المبحث برأي رشيد للعلامة الشيخ / عمر بن عبد العزيز المترك في كتابه (الربا و المعاملات المصرفية) إذ قال رحمة الله عليه – ص / 309: (والذي أرى أنه إذا كان الضمان مسبوقاً بتسليم جميع المبلغ المضمون للمصرف أو كان له غطاء كامل فلا يظهر في أخذ الجعالة عليه شيء لأن العمولة التي يأخذها المصرف في هذه الحالة مقابل خدماته كالعمولة التي تأخذ من قبله في عملية التحويل بالشيكات لأن هذه العملية ليست مقابل فرض و لا ما يؤول إلى قرض لأن المصرف لا يدفع من ماله شيئاً و إنما يدفع ما التزمه بموجب الضمان من مال المضمون عنه الموجود لديه أما إذا كان خطاب الضمان غير مغطى فلا أرى جواز أخذ الجعالة عليه لأن هذا الضمان قد يؤدي إلى قرض فيكون قرضاً جر فائدة و الربا أحق ما حميت مراتعه و سدت الطرائق المفضية إليه.
لذا فإني أرى على طالب الضمان أن يضع لدى الجهة الضامنة له مبلغاً يساوي المبلغ المضمون و هذا إجراء متفق مع الأصول الائتمانية المتبعة في بعض المصارف حيث تطلب من العميل المضمون أن يحجز لديها مبلغاً مساوياً لقيمة خطاب الضمان و هو ما يسمى بالغطاء الكامل يكون رهناً لكي يسدد منه فيما لو اضطر إلى تنفيذ التزامه ويفرح عنه عندما يتحرر المصرف من ضمانه.
و في هذا الإجراء من الفوائد مما لا يخفى منها:
1 - عدم إفساح المجال لمن ليس لهم المقدرة على الوفاء بالتزامهم في الدخول في المناقصات و العطاءات.
2 - أنه فيه حداً من التعامل الجشع و التوسع في الأعمال بما ليس في استطاعة الإنسان القيام به مما يعود عليه بالضرر و تنعكس عليه آثاره السيئة ذلك أن المناقص قد يقدم ضمتناً مصرفياً بمبلغ ليس في استطاعته الوفاء به مما قد يضطره في النهاية إلى الخضوع لما تفرضه عليه المصارف من فوائد ربويّة لقاء تسديده بمقتضى الضمان الذي التزمته.