والشريعة جاءت بالأمر بذلك على وجه الاعتدال والاقتصاد، فكما أن إهمال تعاهد البدن والثوب مذموم، فإن المبالغة في التنظف، والتشدد في الاحتياط فيه مذمومة أيضاً، لأنه حينئذٍ يكون وسواساً أو تنطعاً وتكلفاً، أو مضاهاة لليهود، وقد قال تعالى: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [سورة ص (86)]، ولما دخل حذيفةُ وسلمان - رضي الله عنهما - على امرأةٍ أعجمية، قالا: أهاهنا مكانٌ طاهرٌ نصلي فيه؟، قالت: طهِّر قلبك، وصلِّ حيث شئت، فقال أحدهما لصاحبه: فقهت، [أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 122)، ولعبد الرزاق نحوه (1/ 412)]، وقوله: فقهت: أي حين علمت أن طهارة القلب هي الأصل، لا أن طهارة المحل غير لازمة.
ومن العجب أنه يثور أحياناً جدال بين طلبة العلم حول اللبس الموافق للسنة، أهو الشماغ، أو الغترة، أو العمامة، والحق أنه ليس في الشريعة لباس خاص لأهل العلم والدين، أو زيٌّ مقدَّس كما نجده في بعض الديانات، ففي النصرانية هنالك زي خاص للقسوس والكرادلة ورجال الكنيسة، لا تتم طقوسهم إلا به، ويروون في العهد القديم: " واصنع ثياباً مقدسة لهارون أخيك "، كما في سفر الخروج، فأما في الإسلام فيلبس المسلم عالماً كان أو ليس بعالم اللبس المعتاد في بلده، والمهم فيها أن تكون طاهرة، وألا تكون ثياب شهرة وشذوذ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبس ثياب قومه، نعم وجد في بعض مراحل التاريخ تخصيص لباس معين للفقهاء، كما ذكره الجاحظ في البيان والتبيين وغيره، ولعلهم اتخذوا ذلك لمصلحة تمييز العالم من غيره، ليمكن للناس سؤاله والانتفاع بعلمه، والعادة أن يكون لباس العلماء واسعاً فضفاضاً، فإن اللباس الضيق أشد إظهاراً للروائح السيئة لو وجدت، وعلى كل حال فالأصل أن يلبس المرء لباس أهل بلده كما تقدم، وقد قرر أبو العباس ابن تيمية أنه ليس ثمة لباس لأهل الدين والولاية مخالف للبس العامة، وقال: كم من صديق في قباء، وكم من زنديق في عباء، [مجموع الفتاوي (11/ 194)].
هذه دعوة إلى زكاء النفس، والثوب والنشر، والأخذ بالسنة النبوية الماضية في اقتناء أطيب الطيب، خصوصاً في المجامع وعند ملاقاة الآخرين، يضاف إلى هذا كله العناية بالمخبَر، إذ هو الأصل، ولما دخل عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث على الحجاج، قال له الحجاج: إنك لمنظراني، فقال عبد الرحمن: "نعم أيّها الأمير، ومخبراني"، والله المستعان.
http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=1046
ـ[المسيطير]ــــــــ[12 - 01 - 08, 09:02 م]ـ
ومن ذلك الحرص على الرائحة الطيبة، وتكون:
- في تطييب الجسم، والحرص على استخدام مزيلات الروائح الكريهة لمن ابتلي بها (وهي موجودة في الصيدليات - غالبا -).
- في تطييب الملابس الخارجية.
وانقل لكم ماتيسر مما ذكره صاحب الآداب الشرعية - رحمه الله -:
فصل (في الروائح الطيبة وفائدتها في الصحة).
وللرائحة الطيبة أثر في حفظ الصحة فإنها غذاء الروح , والروح مطية القوى , والقوى تزداد بالطيب.
وهو ينفع الأعضاء الباطنة كالدماغ والقلب ويسر النفس ,
وهو أصدق شيء للروح وأشده ملاءمة ,
ولهذا في مسلم من حديث ابن عمر أنه عليه السلام تبخر {بالألوة} بفتح الهمزة وضمها , وهي العود الذي يتبخر به وبكافور يطرحه معها.
وللنسائي والبخاري في تاريخه من حديث عائشة {أنه عليه السلام كان يطيب بالمسك والعنبر} وفي الصحيح أو في الصحيحين {أنها طيبته لإحرامه ولحله منه بالمسك}.
روى النسائي عن الحسين بن عيسى القومسي عن عفان عن سلام بن سليمان أبي المنذر عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {حبب إلى من الدنيا النساء والطيب , وجعلت قرة عيني في الصلاة} ورواه أحمد عن عفان أو عن غيره عن سلام. وسلام قال ابن معين: لا بأس به.
وقال أبو حاتم: صدوق. وقال العقيلي: لا يتابع حديثه ثم ذكر هذا الحديث , قال: وقد روي من غير هذا الوجه بسند فيه لين أيضا.
ورواه النسائي أيضا عن علي بن مسلم عن سيار بن حاتم عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس فذكره إسناد جيد.
وفي مسلم من حديث أبي هريرة {أنه عليه السلام قال من عرض عليه ريحان فلا يرده فإنه طيب الريح خفيف المحمل}.
ولأحمد وأبي داود والنسائي {من عرض عليه طيب فلا يرده ; فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة}.
وفي البخاري عن أنس {أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يرد الطيب}.
وروى هؤلاء إلا البخاري عن أبي سعيد {أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المسك: هو أطيب طيبكم}.
وعنه أيضا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {غسل الجمعة واجب على كل محتلم والسواك وأن يمس من طيب ما يقدر عليه} متفق عليه
والملائكة عليهم السلام تحب الرائحة الطيبة وتتأذى بالرائحة الخبيثة كما في قصة البصل والثوم والكراث , والشياطين لعنهم الله عكسهم كما في الحديث المشهور {إن هذه الحشوش محتضرة} أي: بالشياطين.
وفي مسند البزار عن النبي صلى الله عليه وسلم: {إن الله طيب يحب الطيب , نظيف يحب النظافة كريم يحب الكريم , جواد يحب الجود , فنظفوا أفناءكم وساحاتكم , ولا تشبهوا باليهود يجمعون الأكباء في دورهم} الكبا بكسر الكاف مقصور: الكناسة , والجمع الأكباء مثل: معى وأمعاء , والكبة مثله والجمع كبون.
¥