ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 01 - 08, 05:01 م]ـ
قال الإمام محي الدين الدمشقي
(بَاب أَيّ يَوْمٍ يُصَام فِي عَاشُورَاء)
قَوْله: (عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ يَوْم عَاشُورَاء هُوَ تَاسِع الْمُحَرَّم، وَأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُوم التَّاسِع)، وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: (عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ يَوْم عَاشُورَاء فَقَالُوا: يَا رَسُول اللَّه إِنَّهُ يَوْم تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ - إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى - صُمْنَا الْيَوْم التَّاسِع، قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَام الْمُقْبِل حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَذَا تَصْرِيح مِنْ اِبْن عَبَّاس بِأَنَّ مَذْهَبَهُ، أَنَّ عَاشُورَاء هُوَ الْيَوْم التَّاسِع مِنْ الْمُحَرَّم، وَيَتَأَوَّلهُ عَلَى أَنَّهُ مَأْخُوذ مِنْ إِظْمَاء الْإِبِل، فَإِنَّ الْعَرَب تُسَمِّي الْيَوْم الْخَامِس مِنْ أَيَّام الْوِرْد رَبْعًا، وَكَذَا بَاقِي الْأَيَّام عَلَى هَذِهِ النِّسْبَة فَيَكُون التَّاسِعُ عَشْرًا. وَذَهَبَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف: إِلَى أَنَّ عَاشُورَاء هُوَ الْيَوْم الْعَاشِر مِنْ الْمُحَرَّم، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ: سَعِيد بْن الْمُسَيِّب، وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ، وَمَالِك وَأَحْمَد وَإِسْحَاق، وَخَلَائِق، وَهَذَا ظَاهِر الْأَحَادِيث، وَمُقْتَضَى اللَّفْظ،وأمَّا تَقْدِير أَخْذه مِنْ (الْإِظْمَاء) فَبَعِيدٌ، ثُمَّ إِنَّ حَدِيث اِبْن عَبَّاس الثَّانِي يَرُدّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُوم عَاشُورَاء فَذَكَرُوا أَنَّ الْيَهُود وَالنَّصَارَى تَصُومهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ فِي الْعَام الْمُقْبِل يَصُوم التَّاسِع، وَهَذَا تَصْرِيح بِأَنَّ الَّذِي كَانَ يَصُومهُ لَيْسَ هُوَ التَّاسِع، فَتَعَيَّنَ كَوْنه الْعَاشِر، قَالَ الشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَآخَرُونَ: يُسْتَحَبّ صوم التَّاسِع وَالْعَاشِر جَمِيعًا؛ لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ الْعَاشِر، وَنَوَى صِيَام التَّاسِع، وَقَدْ سَبَقَ فِي صَحِيح مُسْلِم فِي كِتَاب الصَّلَاة مِنْ رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَفْضَل الصِّيَام بَعْد رَمَضَان شَهْر اللَّه الْحَرَام " قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء: وَلَعَلَّ السَّبَب فِي صَوْم التَّاسِع مَعَ الْعَاشِر أَلَّا يَتَشَبَّهَ بِالْيَهُودِ فِي إِفْرَاد الْعَاشِر. وَفِي الْحَدِيث إِشَارَة إِلَى هَذَا، وَقِيلَ: لِلِاحْتِيَاطِ فِي تَحْصِيل عَاشُورَاء، وَالْأَوَّل أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 01 - 08, 05:08 م]ـ
قال الإمام ابن إدريس - رحمه الله
(من صام التاسع فله أجره على نيته وقول ابن عباس (ولا تشبهوا بيهود) لأنه كره موافقة اليهود في إفراده وأحب وصله بغيره
وأما حديث التاسع فيحتمل أنه يريد صومه احتياطا فربما نقص الهلال فيكون الغيم فيكملون العدة ثلاثين فيكون التاسع في العدد هو العاشر في الهلال وأحب أن لايفوته
ويحتمل ما قاله ابن عباس من مخالفة اليهود
وييحتمل أن يكون التاسع هو العاشر والعامة تصوم يوم العاشر وهو بالحق أولى وأمره التطوع ولو كان فرضا ما اختلفوا فيه
)
انتهى
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[16 - 01 - 08, 05:56 م]ـ
بارك الله في الشيخ ابن وهب.
لا شك أن الخلاف واقع في ذلك، ولكن أكثر أهل العلم على أنه العاشر من محرم، وظاهر كلام القرطبي في " المفهم " (3/ 194) أنه يميل إلى إنه التاسع، وقد استبعده ابن القيم – رحمه الله تعالى – في " زاد المعاد "، وعده من نقص فهم الآثار، وعدم تتبع ألفاظها وطرقها.
قال – رحمه الله تعالى -:
[وأما إفراد التاسع، فمن نقص فهم الآثار، وعدم تتبع ألفاظها، وطرقها، وهو بعيد من اللغة والشرع، والله الموفق للصواب.
وقد سلك بعض أهل العلم مسلكا آخر فقال: قد ظهر أن القصد مخالفة أهل الكتاب في هذه العبادة، مع الإتيان بها وذلك يحصل بأحد أمرين: إما بنقل العاشر إلى التاسع، أو بصيامهما معا، وقوله: " إذا كان العام المقبل صمنا التاسع "، يحتمل الأمرين، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يتبين مراده؛ فكان الاحتياط صيام اليومين معا. والطريقة التي ذكرناها أصوب إن شاء الله، ومجموع أحاديث ابن عباس عليها تدل، لأن قوله في حديث أحمد: " خالفوا اليهود صوموا يوما قبله أو يوما بعده "، وقوله في حديث الترمذي: " أمرنا بصيام عاشوراء يوم العاشر " يبين صحة الطريقة التي سلكناها.
والله أعلم].
انتهى من (2/ 72).
¥