والموقف اليوم وأسلوب المعالجة ينطلق من حقيقة أساسية هي الدعوة إلى الإيمان والتوحيد، إلى الله ورسوله. يمكن أن نقول لتارك الصلاة حقيقة الحكم إذا كان ذلك يؤثر فيه إيجابياً، ويجعله يعيد تفكيره، ويمكن أن لا نثير هذا الموضوع، وننطلق إلى الخطوة الرئيسة لندعوه إلى حقيقة الإيمان دعوة منهجية مدروسة، نتألف بها قلبه على الإيمان والتوحيد، ونبين له نواحي الخلل في إيمان بعض الناس الذين يقولون إنهم مؤمنون. فتبرز قضية الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ومعنى الألوهيّة والربوبية، ومعنى عبودية الإنسان لله رب العالمين، والعهد مع الله، والولاء الأول لله، والحب الأكبر لله ولرسوله، وأن الإيمان قضية مفاصلة وحسم، وقضية تكاليف والتزام، وقضية مسؤولية وحساب، وأن الإيمان الصادق يدفع المسلم إلى النهوض إلى التكاليف الربانية، وأولها، بعد الأركان الخمسة طلب العلم من القرآن والسنة، إلى غير ذلك من التكاليف، وأن منهاج الله مصدر ذلك كله.
ويعرض المسلم هذه القضايا بأسلوب يختلف من شخص إلى شخص، بعد دراسة الشخص واختيار الأسلوب الأنسب والأوفى.
أما أن نترك تارك الصلاة، لا ننبهه لخطورة القضية، ولا نعالجها فيه، فهذا أمر سيء يقع إثمه على كل مسلم يتخلى عن النصح والتذكير والدعوة في واقع لا يحكم فيه الإسلام، أو على المسؤول المنوط به هذا الأمر.
ونعود لنؤكد أن من قال: " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله "، نقبل إيمانه ولا ندعي أننا نعرف ما في قلبه. ولكنه يخضع لحكم الإسلام بعد أن نطق بالشهادتين، فيطالب بأداء ما كلفه الله به بموجب الشهادتين، فإن قام بذلك فقد أحسن، وأن أبي ونكث فيقام عليه حكم الإسلام. وأي حكم يقام عليه فلا يعني أنه هو حكم الله عليه في الآخرة. فحكم الدنيا اجتهاد أُمِرنا به، وحكم الآخرة عدل وحق من الله.
وأما بالنسبة لما ورد من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من قال: " لا إله إلا الله دخل الجنة " فإنها تعني أن من قالها صادقاً من قلبه، كما يبينه نص آخر للحديث، فإنه يدخل الجنة. ومن قالها صادقاً من قلبه فإنه يستجيب لأمر الله وينهض لما كلفه الله به في حدود وسعه الصادق. وإلا كيف ينسجم الصدق الخالص من القلب وعدم الطاعة لله ولرسوله. ويظل معنى هذه الأحاديث يدل على أن الحكم على قائل الشهادتين هو حكم في الآخرة، حيث يعلم الله وحده ما في قلبه. وربما دخل النار رجل قال الشهادتين وأدى الشعائر، فعلم الله أنه لم يكن صادقاً فأدخله النار.
نستغفر الله إن أخطأنا ونتوب إليه، فهذا غاية اجتهادنا، والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ()
(1) صحيح الجامع الصغير وزيادته: (ط:3) ـ (رقم: 4143).
(2) الترمذي: 41/ 8/2616.
(3) صحيح الجامع الصغير وزيادته: (ط: 2) ـ (رقم: 2837).
(4) صحيح الجامع الصغير وزيادته: (ط:3) ـ (رقم:4143). الترمذي: 41/ 9/2622.
(5) أحمد: المسند: 5/ 346، الفتح: 2/ 232.
(6) صحيح الجامع الصغير وزيادته (ط:2): (رقم: 2846). الترمذي: 41/ 9/2618.
(7) الترمذي: 41/ 9/2622.
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[19 - 01 - 08, 12:09 م]ـ
بارك الله فيك،وجزاك الله خيرا، وجعل كل ما تقدمه لنا في ميزان حسناتك.
ونفع الله بك المسلمين والمسلمات ولاحرمت لاجر العظيم.
ـ[أبو مالك الأثري]ــــــــ[16 - 10 - 10, 11:20 م]ـ
كلام بديع:
فقد يصدر الحكم من القضاء الإسلامي الملتزم بالكتاب والسنة، ويعقب الحكم إجراء تنفيذي بالحبس والاستتابة، أو القتل حداً إن أصر على عدم الصلاة.وقد يصدر حكم ما من قضاء ما يعقبه إجراء قائم على القوانين الوضعية. وقد يكون الرأي حديث مجلس ينتهي أثره بانتهاء المجلس، ولا يكون له أثر بعد ذلك في المجتمع والأمة. أما إن كان المجتمع يحكمه منهاج الله، يلتزمه الكبير والصغير، فيكون الحكم عبرة للناس وطاعة لله وردعاً للآخرين. ويظل الحكم خاضعاً للقاعدة الأولى. وأما حديث المجالس فيعتمد على مستوى أهل المجلس ومستوى الفقه فيه والغاية من إثارة هذا الموضوع. فإن كان مجلس علم فخير إن شاء الله، على أن يلتزم المجلس بالكتاب والسنة ويستأنسوا بآراء الفقهاء، وأما إن كان مجلساً عادياً تساق فيه الآراء ارتجالاً دون تحقيق وتمحيص، فخير أن يتوقف الجميع ليعود كل واحد إلى دراسة الموضوع ليقدم كل رأياً مدروساً عن بينة وعلم، فلا يقفو أحد ما ليس له به علم:
(ولا تقف ما ليس لك به علم إنَّ السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) [الإسراء: 36]
وفي غالب الأحيان تصدر الآراء رواية عن هذا وذاك، دون أن ينهض المسلم إلى ما أمره الله به: " طلب العلم فريضة على كل مسلم "، ودون أن يعرف الدليل عند من نقل رأيه، ودون أن يرد الأمر كله للكتاب والسنة.