تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [النساء:24]، فاستحقت أن تأخذ أجرها على ما يكون منها من القيام بحق بعلها في فراشه. ولذلك قالوا: إذا نشزت وامتنعت من الفراش كان من حقه أن يمتنع من الإنفاق عليها، ونصّ بعض العلماء على أن من أسباب النفقة كونها فراشاً للرجل، فلهذا كله أوجب الله على الرجال الإنفاق على النساء، والقيام بحقوقهن، وهذه النفقة فيها مسائل: المسألة الأولى: ما هي أنواع النفقة التي ينبغي على الزوج أن يقوم بها تجاه زوجته؟ والمسألة الثانية: ما هي ضوابط النفقة التي ينبغي أن يتقيد بها الرجل، بمعنى: أن يؤديها على سبيل اللزوم، وإذا أداها برئت ذمته؟ أما بالنسبة لأنواع النفقة فإنها تنحصر في الإطعام والكسوة والسكن، فهذه ثلاثة أمور ينبغي للزوج أن يراعيها في إنفاقه على زوجته وأهله وولده. الحق الأول في الإنفاق الإطعام: فإن النبي صلى الله عليه وسلم نبّه عليه في حديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه وأرضاه في خطبته في حجة الوداع فقال: (أما حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في طعامهن وكسوتهن)، قال العلماء: إن عموم الأدلة التي دلت على النفقة يدخل فيها الطعام؛ لأن الله عز وجل قيّد ذلك بالمعروف، وقيّده النبي صلى الله عليه وسلم بالمعروف، والمعروف في أعراف المسلمين أن الزوج يطعم زوجته ويقيم على طعامها على الوجه الذي لا إضرار فيه، والطعام يستلزم أن يقوم الزوج بتهيئة ما تحتاجه المرأة وكذلك ولده بالتبع من جهة الأكل، قال العلماء: يلزمه أمران: الأمر الأول: الطعام وما يحتاج إليه لاستصلاح الطعام فيطعمها، فيكون الطعام كحبٍ ونحو ذلك وما يؤتدم به الطعام، فهذا كله لازمٌ على الزوج، ويكون مقيداً بالعرف، فإذا كان غنياً فإنه يكون طعامه مرتبطاً بطعام الأغنياء مثله، فلا يطعم الغني طعام الفقير، ولا يطعم الفقير طعام الغني، بمعنى لا يلزمه ذلك، ولا تطالبه المرأة بمثل ذلك. قال العلماء: الطعام ينقسم في الأعراف إلى ثلاثة أقسام: الأفضل الجيد، والرديء، والوسط بينهما، فإن كان مال الرجل ودخله وما هو فيه من الحال هو حال أهل الغنى وجب عليه أن يطعم زوجته بالطعام الجيد الذي يطعمه مثله من ذوي اليسار، وإذا عدل عن الطعام الجيد إلى أردئه فإنه يكون ظالماً، وكان من حق الوالي والقاضي أن يلزمه بأجود الطعام وأحسنه، كذلك أيضاً العكس، فإنه إذا كان فقيراً وسألته المرأة أو وليها أن يطعمها طعاماً أفضل من طعام مثله وألحّت عليه في ذلك لم يجب عليه أن يلبي لها ذلك؛ لأن الله عز وجل أمر الإنسان أن ينفق على قدر ما أعطاه، قال: وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7]، وقوله: (من قُدِرَ) يعني: من ضيق، كما قال تعالى: يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ [الرعد:26]، يعني: يوسع ويضيق، فقوله: وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ يعني ضيق عليه. وهنا مسألة وهي: أن الزوج ربما يكون ماله ودخله طيباً، ولكن تنتابه ظروف لا يستطيع معها أن ينفق نفقة مثله، وهذه الظروف تنقسم إلى قسمين: الحالة الأولى: إما أن تكون ظروفاً قسرية تجبره على أن يقصّر في النفقة وينزل عن نفقة مثله، فهذا اغتفره العلماء، كما لو طرأت عليه خسارة أو طرأت عليه مصيبة في مال، فاحتاج أن يدفع فأخذ يقسط من شهره، حتى ضيّق على أهله في طعامهم، فهذا لا إثم عليه. الحالة الثانية: أن تكون ظروفاً كمالية؛ كأن يريد أن يشتري شيئاً، وهذا الشيء من باب الكمال: كسيارةٍ أو نحو ذلك، كما ذكر بعض العلماء من دابة أو مركوبٍ أو نحو ذلك، يريد أن يشتري أفضل مركوب، وهذا أفضل مركوب سيكون على حساب زوجه وأولاده، فيضيق عليهم في النفقة، قالوا: إنه يكون ظالماً في هذه الحالة، وأنه لا يجوز له في هذه الحالة أن يطلب الكمال على وجهٍ يضيع فيه الحق الواجب، بل عليه أن يبقى على النفقة، ويلزم شرعاً في الإفتاء والقضاء أن يبقى على نفقة مثله ولو اعتذر بهذا الكمال فإنه لا عذر له فيه، ويُحكمُ بإثمه إذا ضيق على أهله وولده. الأمر الثاني مما يحتاج إليه في الإطعام: يلزم الزوج بكل ما يهيئ به الطعام عرفاً، فيشتري للمرأة الآلات والوسائل التي يمكن معها إصلاح الطعام، ويعتبر شرعاً ملزمٌ به، فإن امتنع أجبر قضاءً، ومن الأخطاء أن بعض الأزواج يمتنع من شراء بعض الآلات ويلزم الزوجة بشرائها، وقد يلزم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير