3 - حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت رسول الله r ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، قال: " أتعطين زكاة هذا؟ " قالت: لا قال: (أَيَسُرُّك أن يسوركِ الله بهما يوم القيامة سوارين من نار .. ؟!) الحديث. أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي.
وصححه أحمد شاكر، وحسّن إسناده النووي والألباني وابن باز وغيرهم كالحافظ والمنذري.
4 - حديث أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: كنت ألبس أوضاحاً من ذهب، فقلت: يا رسول الله أكنز هو؟ قال: " ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز " أبو داود والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري وأقرّه الذهبي والبيهقي والطبراني والدارقطني. وحسنه النووي والسيوطي وجوّده العراقي والعيني وابن دقيق العيد.
5 - حديث عائشة -رضي الله عنها-، وفيه أنه رأى بيديها فتحات من ورق، فسألها: (أتؤدين زكاتهن) .. الحديث أخرجه أبو داود والحاكم وقال: صحيح على شرطهما ووافقه الذهبي والبيهقي والدار قطني.
6 - حديث أسماء بنت يزيد بن السكن -رضي الله عنها- قالت: دخلت أنا وخالتي على النبي r وعليها أسورة من ذهب. فقال لنا:" أتعطيان زكاته؟ " قالت فقلنا: لا. قال " أما تخافان أن يسوركما الله أسورة من نار؟ أديا زكاته ". أحمد والطبراني وصححه العيني وحسنه المنذري.
7 - القياس: بأن قاسوا الحلي على الذهب المسبوك والمسكوك بجامع أن الجميع نقد. قالوا: وهو أشبه؛ لاستصحابه حكم النقدين في البيع والربا.
ولعل الصواب في هذه المسألة: هو القول بعدم وجوب الزكاة في الحلي المعد للاستعمال وذلك للأدلة التي استدل بها أصحابه، وقد أجيب عن أدلة الموجبين بما يلي:
1 - أن من البعيد أن يباح التزين والاستعمال للحلي – الذي هو في الأصل ليس محلاً للنفقة والإنفاق– ثم يسمى ذلك الحلي المستعمل بما أباح الله تعالى كنزاً يعاقب عليه ([4]).
2 - وقوله تعالى:} وَلا يُنْفِقُونَهَا {لا يشمل الحلي؛ إذ المال الذي من شأنه أن ينفق إنما هو الدنانير والدراهم.
3 - حديث مسلم من النصوص العامة، وقد جاء بلفظ:"حقها " لا بلفظ الزكاة، وقد جاء في نفس الحديث تفسيره بغير الزكاة فقال في الإبل: (ومن حقها حلبُها يوم وردها) وليس هذا من الزكاة .. ومع ذلك فقد يقال: هو عام خُصِّص.
4 - حديث عمرو بن شعيب t قد تفرد به عن أبيه عن جده، وفيه مقال لا يخفى ([5]) قال المنذري: وأخرجه النسائي مسنداً ومرسلاً، وذكر أن المرسل أولى بالصواب. وعلى فرض ثبوته فهو محتمل لأن يكون في أول الأمر عندما كان لبس حلي الذهب محرماً على النساء، ويُحمَل عليه حديث أسماء بنت يزيد –رضي الله عنها-، إذ جاء في بعض الروايات في مسند أحمد أن ذلك كان عند بيعة النساء، وأمر بطرح الأسورة والخواتيم.
5 - وأما حديث أم سلمة –رضي الله عنها- فقد ضعفوه لوجود علتين:
الأولى: تفرد ثابت بن عجلان به، والثانية: الانقطاع؛ فإن عطاء لم يسمع من أم سلمة.
6 - وحديث عائشة –رضي الله عنها- ضعفه ابن حزم بيحيى بن أيوب الغافقي، وعلى فرض صحته فإنه قد ثبت عنها كما سبق بإسناد صحيح عدم إخراجها الزكاة من حلي بنات أخيها، مع كونها ترى وجوب إخراجها من أموال اليتامى، ومع ذلك كانت تخرج زكاة المال ولا تضم إليه زكاة تلك الحلي .. فكيف يصح عنها هذا؟! ([6])
قال الترمذي: (ولا يصح في هذا الباب عن النبي r شيء)، وقال بنحوه ابن العربي وابن حزم وابن الجوزي والفيروزآبادي، وسبقهم إلى ذلك الإمام الشافعي ([7]).
*فإن قيل: لمَ فرّق الجمهور بين المستعمل وغير المستعمل، وبين المباح والمحرم؟
فالجواب: أن الاستعمال والتزين به أخرجه من أصل الثمنية، وأن إباحة ذلك أخرجته أو نقلته من كونه مالاً زكوياً إلى كونه غير زكوي بإذن الشارع، بينما بقي المحرم على أصله من وجوب الزكاة فيه إذْ لم يأتِ ما ينقله عن ذلك، والأصل بقاء ما كان على ما كان. والله تعالى أعلم.
وقد بسطتُ العرض لهذه المسألة؛ لأنها مسألة كثر فيها الخلاف قديماً وحديثاً، وهي مما يحتاج إليه جل الناس، مع أنه قد قال بوجوب زكاة الحلي من المعاصرين، المشايخ: ابن باز، وابن عثيمين، وابن جبرين، وعطية محمد سالم ... وغيرهم.
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: (وإخراج زكاة الحلي أحوط) ([8]).
إلا أن ثبوت القول بخلاف ذلك بأسانيد صحيحة عن خمسة من الصحابة مع صلاحية حديث جابر t للاعتبار، إضافة إلى ظهور الأصل الذي اعتُبِر وقُوَّته، غلّب الأخذ بقول الجمهور ..
– وكيف تُكلَّف امرأة لا تملك إلا ما يساوي النصاب من الذهب، وليس عندها مال زكوي غيره، أن تقترض لتزكي، أو أن تبيع هذا الحلي الذي تتزين به؟! والله أعلم.
وممن قال بعدم وجوب الزكاة فيه من المتأخرين، المشايخ: المجدِّد محمد بن عبد الوهاب، والشوكاني، ومحمد ابن إبراهيم آل الشيخ، وعبد الرحمن السعدي، والبسَّام، وصالح الفوزان، وابن منيع، والقرضاوي.