واستدلوا: أن النبي r أمر بإتقاء الكحل.
وعلى هذا يكون المنظار رأي الجمهور أنه يفطر، وعلى رأي الحنفية لا يفطر لأنه لا يستقر.
الرأي الثاني: أنه لا يفطر بإدخال هذه الأشياء التي لا تغذي كما لو أدخل حديدة أو حصاة، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقال به بعض المالكية والحسن ابن صالح.
لأن ذلك دلَّ عليه الكتاب والسنة على أن المفطر ما كان مغذياًَ، وأما حديث الكحل الذي أمر النبي r بإتقائه فهو ضعيف، وعليه فالظاهر أنه لا يفطر، ولكن يستثنى من ذلك ما إذا وضع الطبيب على هذا المنظار مادة دهنية مغذية لكي يُسهِّل دخول المنظار إلى المعدة فإنه يفطر.
المفطر الرابع: القطرة:
التي تستخدم عن طريق الأنف هل هي مفطرة؟ للعلماء المتأخرين قولان:
القول الأول: أنها تفطر، قال به ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله.
واستدلوا: بحديث لقيط بن صبرة مرفوعاًَ " وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماًَ "، فهذا دليل على أن الأنف منفذ إلى المعدة، وإذا كان كذلك فاستخدام هذه القطرة نهى عنه النبي r .
وأيضاًَ نهي النبي r عن المبالغة في الاستنشاق يتضمن النهي عن إدخال أي شيء عن طريق الأنف ولو كان يسيراًَ لأن الداخل عن طريق المبالغة شيء يسير.
القول الثاني: أنها لا تفطر، واستدلوا: بما تقدم من القياس على ما تبقى من المضمضة، والقطرة يصل منها شيء يسير إلى المعدة.
فالقطرة الواحدة = 0.06 من السنتيمتر الواحد المكعب.
ثم ستدخل هذه القطرة إلى الأنف ولن يصل إلى المعدة إلا شيء يسير فيكون معفواًَ عنه.
وكذلك أن الأصل صحة الصيام وكونه يفطر بهذا فهذا أمر مشكوك فيه؛ والأصل بقاء الصيام واليقين لا يزول بالشك.
وكلا هذين الرأيين لهما قوة.
المفطر الخامس: بخاخ الأنف:
البحث فيه كالبحث في بخاخ الربو: فيكون بخاخ الأنف لا يفطر.
المفطر السادس: التخدير:
وتحته أنواع:
الأول: التخدير الجزئي عن طريق الأنف:
وذلك بأن يشم المريض مادة غازية تؤثر على أعصابه فيحدث التخدير: فهذا لا يفطر، لأن المادة الغازية التي تدخل الأنف ليست جرماًَ ولا تحمل مواد مغذية.
الثاني: التخدير الجزئي الصيني:
نسبة إلى بلاد الصين:
يتم بإدخال إبر جافة إلى مراكز الإحساس تحت الجلد فتستحث نوعاًَ من الغدد على إفراز المورفين الطبيعي الذي يحتوي عليه الجسم؛ وبذلك يفقد المريض القدرة على الإحساس.
وهذا لا يؤثر على الصيام ما دام أنه موضعي وليس كلياًَ؛ ولعدم دخول المادة إلى الجوف.
الثالث: التخدير الجزئي بالحقن:
وذلك بحقن الوريد بعقار سريع المفعول؛ بحيث يغطي على عقل المريض بثوانٍِ معدودة.
فما دام أنه موضعي وليس كلياًَ فلا يفطر؛ ولأنه لا يدخل إلى الجوف.
الرابع: التخدير الكلي:
اختلف فيه العلماء: وقد تكلم فيه العلماء السابقون في مسألة المغمى عليه؛ هل يصح صومه؟
وهذا لا يخلو من أمرين:
الأول: أن يغمى عليه جميع النهار؛ بحيث لا يُفيق جزءاًَ من النهار: فهذا لا يصح صومه عند جمهور العلماء.
ودليله قوله r في الحديث القدسي: " يدع طعامه وشهوته من أجلي "؛ فأضاف الإمساك إلى الصائم؛ والمغمى عليه لا يصدق عليه ذلك.
الثاني: أن لا يغمى عليه جميع النهار: فهذا موضع خلاف.
والصواب أنه إذا أفاق جزءاًَ من النهار أن صيامه صحيح، وهذا قول أحمد والشافعي.
وعند مالك: أن صيامه غير صحيح مطلقاًَ.
وعند أبي حنيفة: إذا أفاق قبل الزوال يجدِّد النية ويصح الصوم، والصواب قول أحمد والشافعي؛ لأن نية الإمساك حصلت بجزءٍِ من النهار، ويُقال في التخدير مثل ذلك.
المفطر السابع: قطرة الأذن:
والمراد بها: عبارة عن دهن" مستحضرات طبية " يصب في الأذن؛ فهل يفطر أو لا؟
تكلم عليه العلماء في السابق في مسألة " إذا داوى نفسه بماء صبه في أذنه ".
الجمهور: أنه يفطر.
الحنابلة: يفطر إذا وصل إلى الدماغ.
الرأي الثاني: لابن حزم: أنه لا يفطر، وعلته: أن ما يقطَّر في الأذن لا يصل إلى الدماغ وإنما يصل بالمسام.
والطب الحديث: بيّن أنه ليس بين الأذن والدماغ قناة يصل بها المائع إلا في حالة واحدة؛ وهي ما إذا حصل خرق في طبلة الأذن، وعلى هذا الصواب: أنها لا تفطر.
¥