تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم فقال ما هذا الذي أراكم تصنعون؟

قالوا: يا أبا عبد الله حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح

قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه و سلم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحوا باب ضلالة.

قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير.

قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه

إن رسول الله صلى الله عليه و سلم حدثنا: أن قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم ثم تولى عنهم.

فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحِلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج

هذه القصة رواها الإمام الدارمي وبحشل في تاريخ واسط من طريق الحكم بن مبارك وعلي بن الحسن بن سليمان كليهما عن عمرو بن يحيى بن عمرو عن أبيه عن جده عمرو بن سلمة به

وهذا إسناد جيد لابأس به

فعلي بن الحسن هو شيخ مسلم وهو ثقة وثقه أبو داود والحاكم

والحكَم بن المبارك " كان أحمد بن حنبل يقول: هو عندنا ثقة، فقيل له: في مالك؟ فقال: في مالك وغير مالك " كما في الأنساب للسمعاني

وقال عنه أبو عبد الله ابن مندة: " أحد الثقات "

وقال ابن عدي: يقال إنه لا بأس به

وقد حاول بعضهم الطعن في الحكم عندما نقل عن ابن عدي اتهام الحكَم بسرقة الحديث، وهذا وإن كان لا يضر روايتنا هذه لأن الثقة علي بن الحسن قد رواه متابعا ولكن مع ذلك فالتهمة المذكورة عن الحكَم بن المبارك لا تصح وبيان هذا كالتالي: ذكر ابن عدي حديثا يُروى بلفظ:

" يكون في آخر الزمان قوم يحلون الحرام ويحرمون الحلال ويقيسون الأمور برأيهم "

فقال ابن عدي:

" وهذا حديث رواه نعيم بن حماد عن عيسى والحديث له وأنكروه عليه وسرقه منه جماعة منهم عبد الوهاب الضحاك وسويد بن سعيد وأبو صالح الخراساني الخاستي الحكم بن المبارك "

وهذه تهمة لا تثبت عن الحكَم وأوّل من برأه منها ابن عدي نفسه.

لكن أحب قبل هذا أنْ أُبين أنّ الآفة في هذا الزمان عند جماعة من المشتغلين بالنقد هي قلة الفهم الناشئ عن ضعف التأصيل!!

فراوٍ كالحكم وهو من طبقة شيوخ الإمام أحمد ويوثقه أحمد نفسه وهو قد أدركه، ثم بعد أكثر من قرن يحكم عليه الإمام ابن مندة بأنه أحد الثقات فمثل هذا لا ينبغي الحكم عليه بسرقة الحديث بناء على ظنٍّ من إمام يخص رواية معينة

فالكلام السابق عن ابن عدي لا يدل على أن الحكم كان يسرق الحديث وأن هذا كان من صنيعه، وإنما لما كان من المعلوم لدى ابن عدي أن الحديث المذكور هو من أوهام نعيم بن حماد قطعا، وبالتالي فكل من رواه متابعا لنعيم فإنما أخذه من نعيم، فاعتبر ابن عدي أن هذا مسروق من نعيم بن حماد ليبين أنه مأخوذ عنه، حتى لا يظن الظان أن هذه متابعات تقوي الحديث، فهو حكم بالسرقة استنتاجا من رواية واحدة ويخص هذه الرواية فهو حكم إنشائي.

فكيف يُجعل حكما خبريا عاما؟!

ثم كيف يُرد من أجله التوثيق الصريح ممن هو أرفع وأعلم؟!

وهذا على التسليم بأن ذكر الحَكَم ضمن أولئك كان مقصودا من ابن عدي على أنه ممن ثبتت سرقته مع المتهمين في هذه الراوية.

ولكن هذا غير صحيح فابن عدي نفسه بيّن في موطن آخر أن هذه التهمة لا تشمل الحَكَم وإنما تخص الباقين دونه هو.

ففي الكامل في ترجمة سويد قال:

" قال الفريابي ووقفت سويد عليه بعد أن حدثني ودار بيني وبينه كلام كثير.

وهذا إنما يعرف بنعيم بن حماد ورواه عن عيسى بن يونس فتكلم الناس فيه مجراه ثم رواه رجل من أهل خراسان يقال له الحكم بن المبارك يكنى أبا صالح الخواشتي يقال إنه لا بأس به ثم سرقه قوم ضعفاء ممن يعرفون بسرقة الحديث منهم عبد الوهاب بن الضحاك والنضر بن طاهر وثالثهم سويد الأنباري " ا. هـ

ومن قوله: " وهذا إنما يعرف ... " إلى آخره هو من كلام ابن عدي كما دل على هذا نقل الخطيب البغدادي وابن عساكر في تاريخيهما والمزي في تهذيبه والذهبي في الميزان وابن حجر في التهذيب فكلهم نقلوه عن ابن عدي

فابن عدي في كلامه المفصّل هذا بَيّن أنّ تهمة السرقة لا تشمل الحَكََم وإنما هو لا بأس به كما يقال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير