أما الأول: فإن عقبة تزوج امرأة ابن أبي إهاب، فلما تزوجها جاءت امرأة فقالت إني أرضعته هو والمرأة التي تزوجها يعني فيكون أخا لها من الرضاع، وأخوها من الرضاع يحرم عليها كما يحرم عليها أخوها من النسب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ولكن لابد لهذا من شروط: الشرط الأول: أن يكون اللبن من آدمية، فلو اشترك طفلان في الرضاع من شاة أو من بقرة أو من بعير، فإنهما لا يصيران أخوين، لأنه لابد أن يكون الرضاع من آدمية لقوله تعالى: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ.
الشرط الثاني: لابد أن يكون الرضاع خمس رضعات فأكثر، فإن كل مرة واحدة أو مرتين أو ثلاث مرات أو أربع مرات فإنه ليس بشيء ولا يؤثر فلو أن امرأة أرضعت طفلا أربع مرات في أربعة أيام كل مرة يشبع فإنه لا يكون ابنا لها، لابد من خمس ولو أرضعته خمس مرات ولو لم يشبع فإنها تكون أما له ويكون الرضاع محرما.
الشرط الثالث: لابد أن يكون من زمن الإرضاع وهو ما قبل الفطام في الحولين، فإن لم يكن في هذا الزمن بأن أرضعته وهو كبير، فإن ذلك لا يؤثر فلو أن طفلا له خمس سنوات رضع من امرأة خمس مرات أو عشر مرات، فإنه لا يكون ابنا لها من الرضاع لأنه ليس في زمن الإرضاع.
فهذه شروط ثلاثة وإذا ثبت التحريم فإنه ينتشر إلى المرتضع وذريته فقط، ولا ينتشر إلى إخواته وآبائه وأمهاته، وعلى هذا فيجوز لأخي الطفل الراضع أن يتزوج أخت أخيه من الرضاع وأن يتزوج أم أخيه من الرضاع لأنه لا تأثير في الرضاع إلا على المرتضع وذريته يعني فروعه.
فأما أصوله وحواشيه: أصوله من آباء وأمهات وحواشيه من إخوة، وأعمام وأبنائهم وبناتهم فإنه لا تأثير لهم في الرضاع، سواء كان أكبر منه أو أصغر منه، وما اشتهر عند العامة من أن إخوته الذين هم أصغر منه يلحقهم حكم الرضاع، فإنه لا صحة له.
بعض العوام يقول: إذا رضع طفل من امرأة صار ابنا لها وصار إخوته الذين من بعده أبناء لها وهذا غير صحيح بل جميع إخوته ليس لهم فيها تعلق بوجه من الوجوه.
وأما حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما - فإنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ منه هذه الجملة - المفيدة التي تعتبر قاعدة في الورع وهي: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك يريبك أي يحصل لك به ريب وشك، فدعه ولا تأخذ إلا بما تيقنته أو غلب ظنك إن كان مما يفيد فيه غلبة الظن.
وأما ما شككت فيه فدعه وهذا أصل من أصول الورع، ولهذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم تمرة في الطريق فلم يأكلها وقال: لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها وهذا يدخل في هذا الحديث: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ومن ذلك ما إذا كان بينك وبين شخص محاسبة وحصل زيادة لك من أجل هذه المحاسبة، وشككت فيها فدعها وإذا شك صاحبك وتركها فتصدق بها تخلصا منها، أو تجعلها صدقة معلقة، بأن تقول: اللهم إن كانت لي فهي صدقة أتقرب بها إليك، وإن لم تكن لي فهو مال أتخلص بالصدقة به من عذابه.
والحاصل أن هذا الحديث حديث عظيم في باب الورع: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ما تشك فيه اتركه وخذ بالشيء الذي لا يلحقك به قلق ولا شك ولا اضطراب
ـ[المحبرة]ــــــــ[16 - 08 - 09, 09:26 م]ـ
أبو عبد الرحمن وأبو البراء .. أحسنتم وبررتم وخيرا نقلتم
فجزاكم الله خيرا ..
وختاما أريد أن أعلمكم أن المرأة المذكورة في السؤال قد أرضعت ذلك الولد رضعتان فقط ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.