فالدراسة المذكورة تشعر بأنهم لم يجتمعوا على التلاوة صوتا واحدا متراسلين لأن المدارسة إنما تكون تلقينا أو عرضا وهذا هو المروي عنهم وأما الاجتماع على صوت واحد فليس بمروي عنهم كما تقدم " ا. هـ كلام ابن الحاج
فقراءة القرآن جماعة بصوت واحد أمر لم يكن يفعل عهد النبي صلى الله عليه وسلم اتفاقا ولا أعلم خلافا في هذا وأخشى ممن لا يتحرى ولا يدقق أن يقع في الكذب إذا زعم خلاف هذا
بل ولا على عهد الصحابة وإنما المشهور والمعروف عند أهل العلم أن أول من أحدث هذا أهل الشام في القرن الثاني وقيل أول من أحدثه هشام بن إسماعيل المخزومي عندما كان عاملا عليها
قال أبو بكر بن أبي داود ثنا أبو عباس موسى بن عامر المري ثنا الوليد هو ابن مسلم قال قال أبو عمر الأوزاعي عن حسان بن عطية قال الدراسة محدثة أحدثها هشام بن إسماعيل المخزومي في قدمة قدمها على عبد الملك فحجبه عبد الملك فجلس بعد الصبح في مسجد دمشق فسمع قراءة فقال ما هذا فأخبر أن عبد الملك يقرأ في الخضراء فقرأ هشام بن إسماعيل فجعل عبد الملك يقرأ بقراءة هشام فقرأ بقراءته مولى له فاستحسن ذلك من يليه من أهل المسجد فقرأوا بقراءته "
حتى أنه أصبح يُفعل بعد كل صلاة صبح عملا بما يُروى عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ما مِنْ قومٍ صلَّوا صلاةَ الغداةِ، ثم قعدُوا في مُصلاَّهم، يتعاطَونَ كتابَ الله، ويتدارسونه، إلاَّ وكَّلَ الله بهم ملائكةً يستغفرُون لهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره "
وهوحديث ضعيف
فاختلف أهل العلم بعد ذلك في قراءة القرءان جماعة.
أما التسبيح الجماعي فلم يقل به أحد من السلف فيما أعلم وما أظن أحدا يمكنه إثباته عن السلف فهو على هذا محدث عندهم
قال العلامة ابن رجب
" وذكر حربٌ أنَّه رأى أهلَ دمشق، وأهلَ حمص، وأهلَ مكة، وأهل البصرة يجتمعون على القراءة بعدَ صلاة الصُّبح، لكن أهل الشام يقرءون القرآن كُلهم جملةً مِنْ سورةٍ واحدةٍ بأصواتٍ عالية، وأهل مكة وأهل البصرة يجتمعون، فيقرأ أحدُهم عشرَ آياتٍ، والنَّاسُ يُنصِتون، ثمَّ يقرأُ آخرُ عشراً، حتَّى يفرغوا. قال حرب: وكلُّ ذلك حسنٌ جميلٌ.
وقد أنكر ذلك مالكٌ على أهل الشام. قال زيدُ بنُ عبيدٍ الدِّمشقيُّ: قال لي مالكُ بنُ أنسٍ: بلغني أنَّكم تجلِسونَ حِلَقاً تقرؤون، فأخبرتُه بما كان يفعلُ أصحابنا، فقال مالك: عندنا كان المهاجرون والأنصار ما نعرِفُ هذا " ا. هـ جامع العلوم والحكم
ثم ذكر ابن رجب أن الاجتماع على قراءة القرآن هو الذي استحبه الأكثرون يعني بعد إحداث أهل الشام له
وكلامه يصدق عمن جاء بعد مالك
وهذا إنما في قراءة القرآن فهي التي أثر فيها الكلام في القرن الثاني ثم شاع فيها الخلاف وخاصة بعد مالك
أما التسبيح الجماعي ونحوه من الذكر فلم يقل به أحد من السلف وهو على هذا محدث
وهيهات أن يثبت عن السلف فيه حرف والله أعلم
ولذلك إنما اختلفوا في مواطن مقيدة كالتكبير أيام التشريق في المساجد والأسواق وهو لا يخص مجالس الذكر وإنما يمثل الذكر المؤقت أو المقيد تماما كالتلبية بصيغها أو التكبير في حال الجهاد أو عند صعود المرتفعات في السفر أو التسبيح عند النزول
وكل هذا يُكتفَى فيه برفع الصوت دون توحيده ما عدا تكبير التشريق فالأدلة تحتمله
أما الذكر المطلق الغير مقيد في النصوص تسبيحا وحمدا فلا خلاف بين السلف في أنه بدعة محدثة
هذا فيما أعلم وسبق تقريره من قبل أهل العلم من السلف وغيرهم وهو أعدل الأقوال في المسألة والله الموفق
أخوكم في الله محمد الرباح
ـ[المسلم الحر]ــــــــ[15 - 09 - 10, 11:55 ص]ـ
بارك الله فيك و جزاك الله خيرا