وهذه الرواية التي أهملها الدكتور تبطل ما ذهب إليه من القول بأن رواية الأثر بلفظ الإنكار على من أحدث السلام على النبي مرجوحة
فتصبح بهذه الرواية النفيسة هي الراجحة كما سيأتي
2 ـ أن الأستاذ الأزهري مَشّى الكلام عن الروايتين اللتين رجحهما البيهقي مقرا
ـ رواية عمر بن حفص بن عمر عن علي بن الجعد عن زهير
ـ رواية عباد بن زياد عن زهير
ولم ينبه على أن مدار الروايتين على زهير بن معاوية وأنه قد اختلف عليه في السند.
لأن في علم الحديث عندما يكون نفس الخبر يرويه شخص واحد بإسنادين مختلفين فأهل العلم المتخصصين لا يعتبرونهما طريقين متغايرين فضلا عن أن يكونا صحيحين إلا إذا كان الرواة عنه من أهل الضبط البعيدين عن وصمة الوهم والبريئين من رواية المناكير
فإن وجد في أحد الطريقين من كان كذلك اعتبر ذلك الطريق مرجوحا واعتمد الآخر على أنه هو الوجه الثابت
فإن كان كِلا الطريقين لا يسلمان من كلام اعتبر الاختلاف بينهما في السند حالة من حالات الاضطراب
والأستاذ لم يشر ولو إشارة إلى هذا
فلماذا يا أستاذ؟
3 ـ ومما أهمله الأستاذ أن الطريق الأولى التي اعتمدها أو أقر اعتمادها فيها الراوي عباد بن زياد الأسدي ويقال عبادة بن زياد لم يوثقه أحد فيما أعلم وإنما غايته أن أبادود قال فيه: صدوق
بينما قال فيه موسى بن هارون: تركت حديثه
وقال ابن عدي هو من أهل الكوفة الغالين في التشيع له أحاديث مناكير في الفضائل.
وعليه فقبول رواية من كان هذا حاله فيه نظر.
فلو لم نجد إلا قول أبي داود فيه بأنه صدوق لكان في قبول روايته نزاع فكيف مع ترك موسى لحديثه؟
وقد نمشي رواية المناكير في الفضائل بناء على أنها من تأثير مذهبه فحسب، لكن من أين لنا أن نتغاضى عن ترك موسى له؟
ولا يمكن بحال أن نتكئ على احتمال أن يكون ترك موسى له لأجل مذهبه فقط، فهذا اتكاء على غير مسندة.
والروايات على قواعد علم الحديث ترد بالاحتمال ولا تقبل بالاحتمال
ومن كان هذا حاله فإن سلمنا جدلا بتمشية روايته عموما اعتمادا على تصديق أبي داود له فلا يمكن أن يمشى حاله في مقام الاختلاف على زهير
وهذا أيضا مما أهمل الأستاذ ذكره أو الإشارة إليه، وهو مما يضر بترجيحه وبمذهبه
4 ـ أيضا أهمل الأستاذ الكلام عن الطريق الثانية التي اعتمد عليها من حال الراوي عمر بن حفص بن عمر
فلا يُعرف في كتب الرجال حسب علمي من يروي بهذا الإسم عن علي بن الجعد المتوفى سنة 230 هـ كما هو في الإسناد
ولا من يروي عنه الإمام أحمد بن عبيد بن إسماعيل الصفار المتوفى سنة ثلاثمائة ونيف وأربعين هـ
فقد ثبت أن أحمد بن عبيد كان يحدث سنة 341 هـ
" ويقال إن محمد بن يونس الكديمي المتوفى 286 هـ كان زوج أمه وهو الذي سمّعه الحديث " كذا في تاريخ بغداد
وهذا يعني أن أكبر شيوخه إنما سمع منهم وهو صغير جدا
ولم يثبت بعد تتبعي أن أحمد الصفار روى عن أحد قبل الثمانين
وعليه فيبعد أن يكون سمع عن أحد قبلها كما هو الطبيعي فيمن يُسمّع وهو صغير
إذًا لابد أن يكون عمر بن حفص هذا قد ولد قبل سنة 220 هـ وعاش إلى ما بعد 280 هـ حتى يكون فعلا هو صاحبنا في هذا الإسناد
والأقرب احتمالا أن يكون من أهل البصرة كما هو حال أكثر شيوخ الصفار أومن أهل العراق
والذين وقفت عليهم ممن يحملون اسم عمر بن حفص بن عمر ومن هذه الطبقة ثلاثة فيحتمل أن يكون واحدا منهم ويحتمل أن يكون من غيرهم:
أ ـ عمر بن حفص بن عمر بن عثمان ابن عم الحسن بن عثمان الهمداني المتوفى سنة 294 هـ من أهل بخارى ولا أعلم أحدا وثّقه.
ب ـ عمر بن حفص بن عمر البغدادي: حدث بدمشق عن عثمان بن أبى شيبة، وروى عنه أبو على الفزاري. ولم يوثّق فيما أعلم، ولا أعلم وفاته لكنه من هذه الطبقة
ج ـ عمر بن حفص أبو بكر السدوسي المتوفى سنة 293 هـ ورد بغداد ولا ندري هل هو من أهلها أم لا
وفي كونه صاحبنا الذي في رواية الصفار شيء من البعد والكلفة
لأنه غير مشهور بجده عمر وبأنه عمر بن حفص بن عمر بل هو غير معروف بأن جده عمر فعامة كتب الرجال وغيرها لم تذكر اسم جده عمر
وإنما ذكر هذا حبيب بن الحسن بن داود فذهب إلى أنه نفسه عمر بن حفص بن عمر بن يزيد
بينما ترجم له جماعة من الأئمة ولم يذكروا هذا كأبي أحمد الحاكم وابن حبان وابن مندة وابن أبي يعلى والذهبي
¥