تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأول: أنه نسب إليهم الإباحة من غير خطام ولا زمام وبيننا وبينه القوائم (الأسانيد) فأكثر ما ذكره عن من سماهم لا تصح نسبته إليهم، بل وصح عن أكثرهم خلافه!

قال الحافظ ابن رجب في فتح الباري (6/ 78):"كان النبي يرخص لهم في أوقات الأفراح، كالأعياد والنكاح وقدوم الغياب في الضرب للجواري بالدفوف، والتغني مع ذلك بهذه الأشعار، وما كان في معناها فلما فتحت بلاد فارس والروم ظهر للصحابة ما كان أهل فارس والروم قد أعتادوه من الغناء الملحن بالإيقاعات الموزونة، على طريقة الموسيقى بالأشعار التي توصف فيها المحرمات من الخمور والصور الجميلة المثيرة للهوى الكامن في النفوس، المجبول محبته فيها، بآلات اللهو المطربة، المخرج سماعها عن الاعتدال، فحينئذ أنكر الصحابة الغناء واستماعه، ونهوا عنه وغلظوا فيه".

وقال في فتح الباري (6/ 83):"وأما استماع آلات الملاهي المطربة المتلقاة من وضع الأعاجم، فمحرم مجمع على تحريمه، ولا يعلم عن أحد منه الرخصة في شيء من ذَلِكَ، ومن نقل الرخصة فيه عن إمام يعتد به فقد كذب وافترى"

الثاني: الكلباني عفا الله عنه لا يفرق بين الحداء والنَصْب وهو يسمى غناء وبين الغناء المحرم المقرون بالمعازف؟! ومن هنا أُتي!

فما يستدل به ويذكره عن من أجاز الغناء بالمعازف وأباحه وقد صح عنه محمول على ما ذكرت وهذا خارج عن محل النزاع!

قال ابن عبد البر في التمهيد (22/ 296): "وهذا الباب من الغناء قد أجازه العلماء ووردت الآثار عن السلف بإجازته. وهو يسمى غناء الركبان وغناء النصب والحداء. هذه الأوجه من الغناء لا خلاف في جوازها بين العلماء".

فالغناء يطلق في اللغة على " كلُّ مَنْ رَفَع صوتَه ووَالاهُ فصَوْتُه عند العرب غِناءٌ "قاله ابن منظور في لسان العرب (15/ 135)

والحداء: الحدو سوق الإبل والغناء لها. قاله الجوهري في الصحاح (7/ 159)

والنَصْب: غناء يشبه الحداء إلا أنه أرق منه. قاله الجوهري في الصحاح (2/ 146)،وانظر لسان العرب (1/ 758).

قال الكلباني في مقاله ذاك:"وقد صح عن عمر رضي الله عنه، أنه قال: الغناء من زاد الراكب. وكان له مغني اسمه خوات ربما غنى له في سفره حتى يطلع السحر. ويعلم كل أحد من عمر؟ "

أقول الأثر أخرجه البيهقي (5/ 69)،وأبو نعيم الأصبهاني في الأربعين على مذهب المتحققين من الصوفية (100)،وقد وأورده ابن حجر معزواً لابن السراج في تأريخه كما في الإصابة (2/ 347) عن خوات بن جبير قال: خرجنا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: فسرنا في ركب فيهم أبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما، قال: فقال القوم: غننا يا خوات، فغناهم. قالوا: غننا من شعر ضرار، فقال عمر رضي الله عنه: دعوا أبا عبد الله يتغنى من بنيات فؤاده يعني من شعره. قال: فما زلت أغنيهم حتى إذا كان السحر، فقال عمر: ارفع لسانك يا خوات فقد أسحرنا ".أقول وهذا هو الحداء المباح وسمه إن شئت غناء!

قال ابن الأثير في النهاية في غريب الأثر (3/ 739) وقد رخَّص عمر في غِناء الأعراب وهو صَوْتٌ كالحُداء

وبدليل أن البيهقي خرج في سننه الكبرى (10/ 224) من طريق أخر بسند صحيح قال السائب بن يزيد: بينا نحن مع عبد الرحمن بن عوف في طريق الحج ونحن نؤم مكة اعتزل عبد الرحمن رضي الله عنه الطريق ثم قال لرباح بن المغترف غننا يا أبا حسان وكان يحسن النصب فبينا رباح يغنيه أدركهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته فقال ما هذا فقال عبد الرحمن ما بأس بهذا نلهو ونقصر عنا فقال عمر رضي الله عنه فإن كنت آخذا فعليك بشعر ضرار بن الخطاب وضرار رجل من بني محارب بن فهر قال الشيخ والنصب ضرب من أغاني الأعراب وهو يشبه الحداء قاله أبو عبيد الهروي وروينا فيه قصة أخرى عن خوات بن جبير عن عمر وعبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم في كتاب الحج قال فيها خوات فما زلت أغنيهم حتى إذا كان السحر. فدل على ما ذكرت والله أعلم.

*وكذلك قوله مستدلاً على جواز الغناء بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: هذه قينة بني فلان. أتراه يعلم أنها مغنية ولم ينهها عن الغناء، ولم يحذر من سماعها، بل على العكس من ذلك فقد قال لعائشة: أتحبين أن تغنيك!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير