-أن سياق الحديث يبين أن المراد هو المعنى الأول، والقاعدة في الأصول: [أن دلالة السياق معتبرة].
2 - أنه ذكر في سياق الذم، وأنه سيحصل ذلك في آخر الزمان مع تحريمه، ولو كانت المعازف غير محرمة لما كان لذكرها معنى، بل يكون ذكرها نوعاً من اللغو والعبث، وكلام الشارع ينزه عن ذلك، والقاعدة في الأصول: [أن دلالة السياق على هذا الوجه معتبرة في إثبات الأحكام].
الوقفة الرابعة عشرة: قال كاتب الرسالة: ((وهذا دليل من أقوى الأدلة على إباحته حيث كان موجودا ومسموعا، ومنتشرا، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: هذه قينة بني فلان، أتراه يعلم أنها مغنية ولم ينهها عن الغناء، ولم يحذر من سماعها، بل على العكس من ذلك فقد قال لعائشة: أتحبين أن تغنيك؟!)).
هذا الكلام فيه نظر من جهة أن الكاتب لم يبين ما المراد بالغناء هنا، فالمراد به هنا الخالي من المعازف، وتقدم أنه جاء بدليل الأصل، وأدلة أخرى منها هذا الحديث، فهو حديث صحيح أخرجه النسائي وغيره بسند صحيح من حديث السائب بن يزيد.
الوقفة الخامسة عشرة: قال كاتب الرسالة: ((ولهذا سأبدأ مقالتي هذه بذكر المجيزين على طريقة الإجمال، ليتبين المنصف أني لست منفردا بهذا القول)).
عجيب أمره انتصف في مقالته، ويقول سأبدأ!!.
الوقفة السادسة عشرة: قال كاتب الرسالة: ((إن كثيرا من أئمة الدين المشهود لهم بالعلم والديانة المشهورين بالورع والصيانة قد أباحوا الغناء، وكانت صناعة الغناء مشهورة عند أسلافنا عبر كل القرون , فقد حفظ لنا التاريخ أسماء كثيرة ممن كانت لهم شهرة ذائعة في صناعة الغناء وتطريبه والبراعة في صياغة ألحانه , حتى صار الغناء من أشهر النوادر والملح التي لا يخلو منها كتاب من كتب الأدب والتأريخ!، فممن اشتهر به وذاع صيته , عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وكانت له صحبة ورواية ... )).
هذا الكلام يدل على عدم وجود تلاءم بين عنوان الرسالة ومضمونها، فتقدم أن العنوان في إثبات الحل، وهو هنا يريد الاعتذار عن نفسه، وأنه لم ينفرد بهذا القول، وهذا يؤكد ما سبق من الاستعجال، وعدم المنهجية في الكتابة، ثم إنه خلط بين من يرى جواز مطلق الغناء وهم قلة، وبين من يرى جوازه إذا لم يكن مصحوبا بشيء من المعازف، وهذا فيه إيهام للقارئ العامي.
الوقفة السابعة عشرة: قال كاتب الرسالة: ((بل إن الحدث قد كشف عوار أمة تحمل لواء النص، وتزعم إتباعه)).
هذا الكلام فيه مبالغة، ولعله من باب ردود الأفعال، فإضافة العوار إلى الأمة بسبب جماعة قليلة تكلمت فيه أو نالت منه ليس من الإنصاف.
الوقفة الثامنة عشرة: قال كاتب الرسالة: ((وكشف الحدث أيضا أن هناك فئة كبيرة من علمائنا وطلبة العلم منا مصابون بجرثومة التحريم)).
هذا الكلام فيه نظر، ولا يليق بمسلم فضلا عن طالب علم، فالتحريم حكم شرعي، ولا يجوز أن يضاف إليه مثل هذا اللفظ، ثم في الكلام شيء من المبالغة، وذلك في وصف هذه الفئة بالكبيرة.
الوقفة التاسعة عشرة: قال كاتب الرسالة: ((وكل حديث استدل به المحرمون إما صحيح غير صريح، وإما صريح غير صحيح، ولا بد من اجتماع الصحة والصراحة لنقول بالتحريم)).
هذا الكلام فيه نظر، وغاية أمره أنه دعوى يُحتاج في إثباتها إلى دليل، وتقدم إبطالها بتثبيت حديث المعازف، وبيان دلالته.
الوقفة الأخيرة: الموقف من صاحب الرسالة: ينبغي على المسلم أن يكف لسانه عن الإساءة إلى المسلمين، ولاسيما العلماء وطلبة العلم منهم، و إذا حصل من أحدهم أن قال قولاً يُرى أن الحق على خلافه، فيجب على المسلم العمل على مناصحته بالحجة والبيان، مع تعاطي الرفق، وأن يحذر من سلوك منهج التجريح والشتم والتجهيل والطعن في العرض، فإن هذه الأفعال مخالفة للشرع، مبيانة له. والله تعالى أعلم.
كتبه / جلال بن علي حمدان السلمي
مكة المكرمة
الأحد: 15/ 7 / 1431 هـ
ـ[حسن البركاتي]ــــــــ[01 - 07 - 10, 12:28 ص]ـ
جزاك الله خيراً
قرأت في كتاب "حكم ممارسة الفن في الشريعة الإسلامية" للشيخ صالح بن أحمد الغزالي، ص 166:
(وقد طعن القائلون بالتحريم في صحة نقل إباحة المعازف عن احد من الصحابة أو التابعين، ودعوى إجماع المدينة)
هذا الكلام يرد على من قال أن عبدالله بن جعفر وعبدالله بن الزبير ومعاوية بن العاص وحسان بن ثابت رضي الله عنهم يرون إباحة المعازف وسماعها.