تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعلمت أن الغناء ينبت النفاق في القلب، وقد صح ذلك عن ابن مسعود من كلامه - رضي الله عنه -، وليس كل نفاق هو نفاق أهل الدرك الأسفل من النار، ولكنه من خصالهم التي قد يعفو الله عنها برحمته، وقد يعذب عليها بعدله؛ فأول علامات النفاق أننا نخفي استمتاعنا عن الصلحاء، وأننا نتظاهر بأننا نُروِّح عن قلوبنا، ونكتم ما في تلك القلوب من حب محرم ولو أتيح بالحلال فهو لا يليق لفساد ذلك الوسط المحبوب .. وأن قلوبنا مشحونة بالأماني المحرمة، وأن قلوبنا مستعبَدة، وأن ذلك صدنا عما حرم الله علينا هجره، وهو القرآن والذكر الحكيم .. وأتحدى أن يوجد هائم مع الطرب وله صلاة تهجد تدوم له أسابيع في العام غير شهر رمضان .. وأتحدى أن يوجد هائم مع الطرب يصح له بعض الانتظام مع تلاوة القرآن إلا في رمضان أو بعض الجمع إن ذهب مبكراً، أو في نفحات يشعر فيها بِبُعْدِه عن ربه .. وفي كلمات الغناء مجون وتجديف وهز وغمز؛ فكيف يكون مباحاً بإطلاق .. وأما غناء هذا العصر - عصر الأصباغ والطقطوقة والكلمة العامية المتلعثمة والصور والأزياء - فهو قبل استفتاء الشرع محرَّم فنياً وجمالياً؛ لقبحه، وناهيك عن دعوى خُلُوِّه من العناصر الجمالية؛ فيكون حينئذ بارداً لا قبيحاً؛ فالحمد لله شكراً شكراً الذي أسرع بفيئتي قبل لقائي له، ومنحني التمييز بين مواضع الإحسان والإساءة في تأرجحات عمري المضطربة، فأسأل الله الثبات حتى الممات، وحسن الخاتمة، وأسأله جلت قدرته برحمته وبجميع أسمائه الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم أن يعفو عني وعن إخواني المسلمين، وأن يخفف حسابنا، وأن يستر علينا عند لقائه؛ إذ يكون حياؤنا منه عن قبائحنا أشد إن وجدت عندنا مِسْحة من الحياء منه سبحانه في دنيانا، ونسأله أن لا يفضحنا بقبائحنا يوم يقوم الأشهاد ولا سيما عند من نستحيي منهم ونرجو أن نحشر في زمرتهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً .. إنه عفو غفور، رحيم وودود.

قال أبو عبدالرحمن: ومما يلاحظ أن ما أبيح من الغناء كان إذناً أو إقراراً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن ممارسة له ولا للمقدَّمين من أصحابه - رضي الله عنهم -؛ لأن محياهم ومماتهم لله رب العالمين: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [سورة الأنعام/162]، ولنا فيه - عليه الصلاة والسلام - وفيهم - رضي الله عنهم - أسوة حسنة .. ويلاحظ أن ما جرى عليه العرف في أجيالنا كفحيح الدَّحة والقفز والتصفيق والرمي بالكوفية (الطاقيَّة) وما فوقها والصفير والصياح .. كل ذلك لا يصل إلى سهولة الإباحة، وأقل أحواله الكراهية؛ لأنه بَطَرٌ بمقابل النعمة، ويعارضه مثل قوله سبحانه وتعالى: ?وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً? [سورة الإسراء/37]، وقوله سبحانه وتعالى: ?وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ? [سورة لقمان/19] .. ويلاحظ أغلوطة المزج بين الغناء والتغني؛ فالتغني في هذا الباب معنيان:

الأول: تكلُّف الغناء من غير محترف له؛ من أجل إقامة وزن الشعر كما في قول حسان - رضي الله عنه -:

تَغَنَّ بالشعر إما كنتَ قائلَه ... إن الغناء لهذا الشعر مضمارُ

فجعل الغناء تفسيراً للتغني، وهو غناء ساذَج من غير آلة، ويقوم مقامه في عاميتنا الحورية والهوبلة والهينمة .. وقد رأيت عبدالله اللويحان في المَلْعبة إذا بحث عن لحن كالشيباني مثلاً يقول: (هَهَا ها ها) ويُردِّدها أربع مرات للشطر الواحد.

والثاني: تكلُّف حسن الصوت، وحسن الأداء وَفْق العادة العربية التي هي (علم التجويد) الآن، وما أُثر عن العرب من تغيُّر نغمات النطق بين التعجب والإنكار والتوبيخ .. وما زاد عن ذلك من نغمات تُسلك في سمط أنغام منظَّمة مسافة ومكاناً، والتلاعب بالمدِّ فوق ست حركات؛ فذلك الغناء المحرم قراءة كلام الله به، والثاني هو التغني الواجب تعلُّمه والتطبع عليه، والتمرن على أكثر من صوت حتى يستقر له صوت يكون هو أقصى ما عنده من تحسين الصوت؛ فيستمر عليه، والله المستعان.

وكتبه لكم: أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري

- عفا الله عنه -

ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[28 - 06 - 10, 12:08 م]ـ

جزاك الله خير

والحمد لله على رجوع أبو عبد الرحمن للحق وهو تحريم المعازف بعد أن كان أحلها ...

ـ[أبو اليقظان العربي]ــــــــ[29 - 06 - 10, 01:09 ص]ـ

مقال جيد , الا أنه دنسه بذكر ماضيه وأسماء المغنين وأغانيهم من الساقطين والساقطات الذي يعف المرء عن ذكره.

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[29 - 06 - 10, 10:15 ص]ـ

جزاك الله خيرا وبارك فيك.

ـ[همام النجدي]ــــــــ[10 - 07 - 10, 02:11 ص]ـ

شعر الهجيني:

هو أحد بحور الشعر الشعبي، وأكثرها انتشاراً بعد المسحوب وهو سهل النظم سريع الإيقاع، وكلمة هجيني مأخوذة من الهيجنه و تعني بالضبط الغناء السريع، وهو غناء أهل الركائب حيث أن البدو يهيجنون وهم على ظهور ركائبهم بإيقاع يناسب ركض الذلول وما يسمى (بالدرهمة أو الزرفال (أي العدو العادي والعدو السريع،وذلك لراحة النفس وطرد الملل بتقليل طول المسافات وعناء السفر. وهناك أيضاً الهجيني المسري أي إيقاع الليل وهو يختلف عن هجيني النهار وكذلك هجيني (عدود الماء) عند استخراج الماء من البئر. لذا فهو أكثر بحور الشعر النبطي اتساعاً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير