تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويقول القرطبي قوله تعالى {حولين} أي سنتين كاملتين قيد بالكمال لأن القائل قد يقول: أقمت عند فلان حولين، وهو يريد حولاً وبعض حول آخر، و استنبط مالك رحمة الله تعالى عليه ومن تابعه وجماعة من العلماء من هذه الآية أن الرضاعة المحرمة الجارية مجرى النسب إنما هي ما كان في الحولين لأنه بانقضاء الحولين تمت الرضاعة ولا رضاعة بعد الحولين معتبرة.

أما من شذ بالقول برضاعة الكبير فقد استدل بما روت عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ مَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِمْ فَأَتَتْ تَعْنِي ابْنَةَ سُهَيْلٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ سَالِمًا قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا، وَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا، وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ، وَيَذْهَبْ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ، فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُهُ فَذَهَبَ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ. رواه مسلم في صحيحه (1453) وبه قال ابن حزم وتبعه الألباني ولعلهم غاب عنهم كونه خاصا لها فلم يفعله سواهم ولم يعهد ذلك فيمن أتى من القرون رغم حاجتهم له فهل فهم أولئك المخالفون ما لم تفهمه الأمة جمعاء. فقد تلقى الحديث بالقبول الجمهور من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من علماء المسلمين إلى يومنا هذا.

والرواة إذ رووا حديث سالم تلقوه بالقبول على أنه واقعة عين بسالم لا تتعداه إلى غيره، ولا تصلح للاحتجاج بها، ويدل على ذلك ما جاء في بعض الروايات عند مسلم عن ابن أبي مليكة أنه سمع هذا الحديث من القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة رضي الله عنها قال ابن أبي مليكة: فَمَكَثْتُ سَنَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا لَا أُحَدِّثُ بِهِ وَهِبْتُهُ، ثُمَّ لَقِيتُ الْقَاسِمَ فَقُلْتُ لَهُ: لَقَدْ حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا مَا حَدَّثْتُهُ بَعْدُ، قَالَ: فَمَا هُوَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ: فَحَدِّثْهُ عَنِّي أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِيهِ.

وفي رواية النسائي، فقال القاسم: حدث به ولا تهابه [أخرجه النسائي (3322)]

قال الحافظ ابن عبد البر: " هذا يدل على أنه حديث ترك قديما ولم يعمل به، ولا تلقاه الجمهور بالقبول على عمومه، بل تلقوه على أنه خصوص ". [انظر: شرح الزرقاني على الموطأ 3/ 292، وقال الحافظ الدارمي عقب ذكره الحديث في سننه: " هذا لسالم خاصة "]

وبذلك صرحت بعض الروايات، ففي صحيح مسلم عن أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تَقُولُ: أَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ أَحَدًا بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ، وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ: وَاللَّهِ مَا نَرَى هَذَا إِلَّا رُخْصَةً أَرْخَصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَالِمٍ خَاصَّةً، فَمَا هُوَ بِدَاخِلٍ عَلَيْنَا أَحَدٌ بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ وَلَا رَائِينَا. يعنين بذلك عدم استحلال التحريم برضاعة الكبير.

ومن المؤسف أن يتلقى السفهاء هذه الفتوى بالسخرية لدرجة أسقطوا فيها هيبة الشيخ وهو عالم له مكانه وفضله وإن كنت أرى أن ذلك منه زلة فلا يسوغ التندر بالفتوى وصاحبها لما في ذلك من إسقاط هيبة العلماء وأحسب أن الشيخ العبيكان له أن يختار من الآراء ما يظهر له حسن وجهه وقوة دلالته؛ ولكن ليس له أن يخرق به إجماع الناس على أمر فيشوش عليهم لاسيما إذا كان فيهم من أهل الأهواء من لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة فيعرض نفسه لما نترفع به عنه وهذا من السياسة الشرعية المرعية فلعله يراجع نفسه ويتدارك ذلك فيما يأتي، وأحسب أن العلم ليس إلماما بالنصوص وإنما هو إدراك للمقاصد وفهم للواقع مع الإحاطة بالنصوص والجمع بينها وإعمالها دون تضارب أو تضاد، والله أعلم وهو سبحانه من وراء القصد

نسأل الله ان يرد شيخنا الفاضل لصواب ونحن على ثقه انها زله وسيعود بأذن الله

ـ[مختار الديرة]ــــــــ[22 - 07 - 10, 06:29 ص]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير